للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُمَا لَوْ تَفَاوَتَا، لَكَانَ حُكْمُ الْفَرْعِ إِمَّا دُونَ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي تَحْصِيلِ الْحِكْمَةِ الْمَطْلُوبَةِ، أَوْ أَعْلَى مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ دُونَهُ كَمَا إِذَا قِسْنَا النَّدْبَ عَلَى الْوُجُوبِ، فَعِلَّةُ الْأَصْلِ تَقْتَضِي كَمَالَ حُكْمِ الْفَرْعِ، وَلَمْ يَحْصُلْ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ الْوُجُوبِ وَمَصْلَحَتَهُ أَكْمَلُ مِنْ حِكْمَةِ النَّدْبِ، فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْ عِلَّةِ الْأَصْلِ مُقْتَضَاهَا، فَيَبْطُلُ الْقِيَاسُ، " وَإِنْ كَانَ أَعْلَى " مِنْهُ، كَمَا إِذَا قِسْنَا الْوُجُوبَ عَلَى النَّدْبِ، " فَاقْتِصَارُ الشَّارِعِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ يَقْتَضِي " أَنَّهُ اخْتُصَّ بِمَزِيدِ فَائِدَةٍ أَوْجَبَتْ تَعْيِينَهُ وَالِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ، أَوْ بِثُبُوتِ مَانِعٍ مَنَعَ مِنْ مُجَاوَزَتِهِ اخْتُصَّ بِمَزِيدِ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَكِيمَ إِذَا عَنَّ لَهُ أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا أَرْجَحُ مِنَ الْآخَرِ، لَا يَعْدِلُ عَنِ الرَّاجِحِ إِلَى الْمَرْجُوحِ إِلَّا لِمَانِعٍ مِنَ الرَّاجِحِ، أَوْ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ فِي الْمَرْجُوحِ. وَأَيًّا مَا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ زِيَادَةِ حُكْمِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ مُخَالَفَةُ مَا ثَبَتَ فِي نَظَرِ الشَّارِعِ لِأَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى النَّدْبِ فِي الْأَصْلِ إِنْ كَانَ لِمَزِيدِ فَائِدَةٍ، فَزِيَادَةُ الْوُجُوبِ فِي الْفَرْعِ مُفَوِّتٌ لِتِلْكَ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ تَثْقِيلٌ فِي التَّكَالِيفِ، وَإِنْ كَانَ لِمَانِعٍ مَنَعَ مِنْ إِثْبَاتِ زِيَادَةِ الْوُجُوبِ فِي الْأَصْلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَنَا مِنْ إِثْبَاتِهَا فِي الْفَرْعِ مَا مَنَعَ الشَّارِعَ مِنْ إِثْبَاتِهَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَرْعِ مُتَلَقًّى عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَاجْتِهَادُ الْقَائِسِ فِي الْفَرْعِ تَابِعٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْأَصْلِ.

وَقَدْ يَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَ حُكْمِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، كَمَا يُقَالُ فِي تَقْرِيرِ السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ: لَمَّا بَلَغَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَقْصَى مَرَاتِبِ الْأَعْيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>