للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. وَقَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: (إِلَّا لِنَعْلَمَ) قَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [الْمَائِدَةِ: ٩٥] ، أَيْ: أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ عُقُوبَةً عَلَى فِعْلِهِ لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ، أَيْ: لِعِلَّةِ إِذَاقَتِهِ وَبَالَ أَمْرِهِ، وَمُقَابَلَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ يَعْنِي عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ وَهُمْ قَوْمٌ وَرَدُوا عَرَبًا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَدَّخِرُوا لُحُومَ الْأَضَاحِي تَوْسِعَةً عَلَيْهِمْ. وَكَذَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: إِنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} [الْإِسْرَاءِ: ١٠٠] ، وَقَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [الْبَقَرَةِ: ١٩] ، أَيْ: خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ، وَحَذَرَ الْمَوْتِ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمَفْعُولِ لَهُ، وَهُوَ عِلَّةُ الْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: " فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مَا لَا يَصْلُحُ عِلَّةً " إِلَى آخِرِهِ. مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْفِعْلَ بِحُكْمِ الْأَصْلِ فِي وَضْعِ اللُّغَةِ أَوِ اسْتِعْمَالِهَا إِنَّمَا يُضَافُ إِلَى عِلَّتِهِ وَسَبَبِهِ، فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مَا لَا يَصْلُحُ عِلَّةً، فَهُوَ مُجَازٌ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ عِلَّةً، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ لِلْفَاعِلِ: " لَمْ فَعَلْتَ؟ فَيَقُولُ: لِأَنِّي أَرَدْتُ " فَإِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، فَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْإِرَادَةَ لَيْسَتْ عِلَّةً لِلْفِعْلِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُوجِبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>