للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَعَمُّ أَجْنَاسِ الْحُكْمِ كَوْنُهُ حُكْمًا، وَأَخَصُّ مِنْهُ كَوْنُهُ طَلَبًا أَوْ تَخْيِيرًا، وَأَخَصُّ مِنْهُ كَوْنُهُ تَحْرِيمًا أَوْ إِيجَابًا، وَأَخَصُّ مِنْهُ كَوْنُهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ أَوْ إِيجَابَ الصَّلَاةِ، وَأَعَمُّ أَحْوَالِ الْوَصْفِ كَوْنُهُ وَصْفًا، وَأَخَصُّ مِنْهُ كَوْنُهُ مُنَاسِبًا، وَأَخَصُّ مِنَ الْمُنَاسِبِ كَوْنُهُ مُعْتَبَرًا، وَأَخَصُّ مِنْهُ كَوْنُهُ مَشَقَّةً أَوْ مَصْلَحَةً أَوْ مَفْسَدَةً خَاصَّةً، ثُمَّ أَخُصُّ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ فِي مَحَلِّ الضَّرُورَاتِ أَوِ الْحَاجَاتِ أَوِ التَّتِمَّاتِ. قَالَ: فَبِهَذَا الطَّرِيقِ تَظْهَرُ الْأَجْنَاسُ الْعَالِيَةُ وَالْمُتَوَسِّطَةُ، وَالْأَنْوَاعُ السَّافِلَةُ لِلْأَحْكَامِ وَالْأَوْصَافِ مِنَ الْمُنَاسِبِ وَغَيْرِهِ، فَالْإِسْكَارُ نَوْعٌ مِنَ الْمَفْسَدَةِ، وَالْمَفْسَدَةُ جِنْسٌ لَهُ، وَالْأُخُوَّةُ نَوْعٌ مِنَ الْأَوْصَافِ، وَالتَّقْدِيمُ فِي الْمِيرَاثِ نَوْعٌ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَهِيَ تَأْثِيرُ نَوْعٍ فِي نَوْعٍ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي تَقْسِيمِ مَرَاتِبِ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ أَحْسَنُ مِمَّا فِي " الْمُخْتَصَرِ " وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاحِدًا، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبًا.

قَوْلُهُ: " وَتَأْثِيرُ الْأَخَصِّ فِي الْأَخَصِّ " إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: لِمَا عُرِفَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ الْأَخَصَّ وَالْأَعَمَّ مِنَ الْأَوْصَافِ وَالْأَحْكَامِ; فَلْيَعْلَمْ أَنَّ تَأْثِيرَ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ يَتَفَاوَتُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَتَأْثِيرُ " الْأَخَصِّ فِي الْأَخَصِّ أَقْوَى " أَنْوَاعِ التَّأْثِيرِ، كَمَشَقَّةِ التَّكْرَارِ فِي سُقُوطِ الصَّلَاةِ، وَالصِّغَرِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، " وَتَأْثِيرُ الْأَعَمِّ فِي الْأَعَمِّ " يُقَابِلُ ذَلِكَ، فَهُوَ أَضْعَفُ أَنْوَاعِ التَّأْثِيرِ، وَتَأْثِيرُ " الْأَخَصِّ فِي الْأَعَمِّ وَعَكْسُهُ " وَهُوَ تَأْثِيرُ الْأَعَمِّ فِي الْأَخَصِّ " وَاسِطَتَانِ " بَيْنَ ذَيْنِكَ الطَّرَفَيْنِ، إِذْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُوَّةٌ مِنْ جِهَةِ الْأَخَصِّيَّةِ، وَضَعْفٌ مِنْ جِهَةِ الْأَعَمِّيَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>