للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آخِرِهِ.

أَيْ: إِذَا كَانَ الْوَصْفُ الْمَصْلَحِيُّ الْمُنَاسِبُ يَسْتَلْزِمُ، أَوْ يَتَضَمَّنُ مَفْسَدَةً مُسَاوِيَةً لِمَصْلَحَتِهِ، أَوْ رَاجِحَةً عَلَيْهَا، اخْتَلَفُوا فِيهِ، هَلْ تُلْغَى مَصْلَحَتُهُ، وَتَخْتَلُّ مُنَاسَبَتُهُ أَمْ لَا؟ " فَأَلْغَاهَا قَوْمٌ " مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ فِي " الْمُنْتَهَى " وَأَبْقَاهَا آخَرُونَ.

حُجَّةُ مَنْ أَلْغَاهَا: أَنَّ " الْمُنَاسِبَ مَا تَلَقَّتْهُ الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ بِالْقَبُولِ " وَمَا عَارَضَ مَصْلَحَتَهُ مَفْسَدَةٌ مُسَاوِيَةٌ أَوْ رَاجِحَةٌ " لَيْسَ كَذَلِكَ " فَلَا يَكُونُ مُنَاسِبًا، " إِذْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْعُقَلَاءِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَحْصِيلِ دِينَارٍ " عَلَى وَجْهٍ يَلْزَمُ مِنْهُ " خَسَارَةُ " دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجَّحٍ لِتَكَافُؤِ الْمَصْلَحَةِ وَالْمَفْسَدَةِ، وَالثَّانِي الْتِزَامٌ لِلْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ.

وَحُجَّةُ مَنْ أَبْقَاهَا: أَنَّ " الْمَصْلَحَةَ مِنْ مُتَضَمَّنَاتِ الْوَصْفِ، وَالْمَفْسَدَةَ مِنْ لَوَازِمِهِ " أَيْ: قَدْ تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً وَلَزِمَتْهُ مَفْسَدَةٌ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُمَا لِاخْتِلَافِ جِهَتِهِمَا، " كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ " تُعْتَبَرُ طَاعَةً مِنْ وَجْهٍ; مَعْصِيَةً مَنْ وَجْهٍ عَلَى مَا سَبَقَ، " إِذْ يَنْتَظِمُ مِنَ الْعَاقِلِ أَنْ يَقُولَ: لِي مَصْلَحَةٌ فِي كَذَا، لَكِنْ يَصُدُّنِي عَنْهُ مَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ كَذَا " كَمَا يَقُولُ التَّاجِرُ: لِي مَصْلَحَةٌ فِي رُكُوبِ الْبَرِّ، أَوِ الْبَحْرِ لِلتِّجَارَةِ، وَتَحْصِيلِ الرِّبْحِ، لَكِنْ يَصُدُّنِي عَنْهُ مَا فِيهِ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ بِالْمَالِ، وَقَدْ يَقُولُ الشَّخْصُ: لِي فِي التَّزَوُّجِ مَصْلَحَةُ الْإِعْفَافِ، لَكِنَّ فِيهِ مَفْسَدَةَ إِلْزَامِ الْمُؤْنَةِ، وَيَقُولُ الْمُسَافِرُ: لِي فِي الْفِطْرِ مَصْلَحَةُ التَّرَخُّصِ وَالتَّخْفِيفِ، لَكِنَّ فِيهِ مَفْسَدَةُ فَوَاتِ الْأَجْرِ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَمُعَارَضَةُ ضِدِّ الشَّيْءِ لَهُ لَا يُبْطِلُ حَقِيقَتَهُ، فَكَذَلِكَ الْمَفْسَدَةُ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>