للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَلَا يُنَاسِبُ التَّحْرِيمَ لِأَجْلِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ حَرَّمَ التَّفَاضُلَ تَحْصِيلًا لِلتَّنَاصُفِ فِي هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَدَفْعًا لِلتَّغَابُنِ فِيهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا مَنَاسِبًا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْكَيْلِ أَنْسَبُ، لِأَنَّ الْمَعْقُولَ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّبَا نَفْيُ التَّغَابُنِ فِي الْأَمْوَالِ، وَأَكْلِهَا بِالْبَاطِلِ، فَإِضَافَتُهُ إِلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ التَّفَاضُلُ وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ أَوْلَى.

قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّبَهِ وَالْمُنَاسَبَةِ أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ الشَّبَهِ، فَإِنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ مُطْلَقَةٌ; يَعْنِي مُبْهَمَةً.

قُلْتُ: وَحَاصِلُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ يُؤَثِّرُ فِي عَيْنِ الْمَصْلَحَةِ، وَالشَّبَهَ يُؤَثِّرُ فِي جِنْسِهَا، فَبَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ نَحْوُ مَا بَيْنَ الْوَصْفِ الْمُؤَثِّرِ وَالْمُلَائِمِ وَالْغَرِيبِ.

حُجَّةُ الْقَاضِي فِي مَنْعِ التَّمَسُّكِ بِالشَّبَهِ وَهُوَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ - أَحْسَبُهُ عَبْدَ الْوَهَّابِ - ; وَهُوَ أَنَّ الدَّلِيلَ يَنْفِي الْعَمَلَ بِالظَّنِّ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النَّجْمِ: ٢٨] ; خَالَفْنَاهُ فِي قِيَاسِ الْمُنَاسَبَةِ لِلدَّلِيلِ الرَّاجِحِ وَالِاتِّفَاقِ، فَفِي قِيَاسِ الشَّبَهِ يَبْقَى عَلَى مُوجِبِ الدَّلِيلِ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إِنَّمَا اجْتَمَعَتْ عَلَى الْمُنَاسَبَةِ لَا عَلَى الشَّبَهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ حُجَّةً.

وَأُجِيبُ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: الْمُعَارَضَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الْحَشْرِ: ٢] ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ نَوْعٌ مِنَ الِاعْتِبَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>