للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّفْيُ ضَرْبَانِ: أَصْلِيٌّ: فَيَجْرِي فِيهِ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ، وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِانْتِفَاءِ حُكْمِ شَيْءٍ عَلَى انْتِفَائِهِ عَنْ مِثْلِهِ، فَيُؤَكَّدُ بِهِ الِاسْتِصْحَابُ، لَا قِيَاسُ الْعِلَّةِ، إِذِ لَا عِلَّةَ قَبْلَ وُرُودِ السَّمْعِ.

وَطَارِئٌ: كَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنَ الدَّيْنِ، فَيَجْرِي فِيهِ الْقِيَاسَانِ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَالْإِثْبَاتِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَالنَّفْيُ ضَرْبَانِ: أَصْلِيٌّ» إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: النَّفْيُ إِمَّا أَصْلِيٌّ أَوْ طَارِئٌ، فَالْأَصْلِيُّ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ ثُبُوتٌ، كَنَفْيِ صَلَاةٍ سَادِسَةٍ، وَنَفْيِ صَوْمِ شَهْرٍ غَيْرِ رَمَضَانَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا «يَجْرِي فِيهِ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ» دُونَ قِيَاسِ الْعِلَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ مُمْكِنٌ مَوْجُودٌ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَلِهَذَا أَمْكَنَ النَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ قَبْلَ الشَّرْعِ، لِأَنَّهَا مِنْ آثَارِهِ وَأَحْكَامِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ وَجُودُهَا قَبْلَهُ، وَالْمُرَادُ بِقِيَاسِ الدَّلَالَةِ هَاهُنَا «هُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِانْتِفَاءِ» الْحُكْمِ فِي «شَيْءٍ عَلَى انْتِفَائِهِ عَنْ مِثْلِهِ» أَوْ بِعَدَمِ انْتِفَاءِ خَوَاصِّ الشَّيْءِ عَلَى عَدَمِهِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا لَمْ يَجَبِ الْفِعْلُ الْفُلَانِيُّ لِأَنَّ فِيهِ مَفْسَدَةً خَالِصَةً أَوْ رَاجِحَةً، وَهَذَا الْفِعْلُ الْآخَرُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ.

مِثَالُهُ: إِنَّمَا لَمْ تَجِبْ صَلَاةٌ سَادِسَةٌ وَحَجٌّ ثَانٍ فِي الْعُمْرِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ فِي نَظَرِ الشَّارِعِ، وَوُجُوبِ صَوْمِ شَهْرٍ ثَانٍ، أَوْ وُجُوبِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>