للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جُنْدِهِ، وَأَشْجَعَهُمْ، وَأَظْهَرَهُمْ أَثَرًا فِي حِمَايَةِ الْمَلِكِ تَتَعَارَضُ فِيهِ الِاحْتِمَالَاتُ، هَلْ أَعْطَاهُ لِمُطْلَقِ الْجُنْدِيَّةِ وَالْكَفَاءَةِ؟ أَوْ لِخُصُوصِيَّةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ؟ أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ؟ وَهُوَ أَظْهَرُ، لِمَا ذَكَرْنَا.

وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ، كَانَ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، بَلْ تَعْلِيلًا بِالْمَرْجُوحِ، لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ يَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ تَقَادِيرَ، وَيَبْطُلُ عَلَى تَقْدِيرَيْنِ مِنْهَا، وَوُقُوعُ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَرْجَحُ وَأَظْهَرُ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدٍ مِنْهَا.

وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا لَوْ عَلَّلَ الْحَنْبَلِيُّ قَتْلَ الْمُرْتَدَّةِ بِقَوْلِهِ: بَدَّلَتْ دِينَهَا، فَتُقْتَلُ كَالرَّجُلِ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: لَا يَتَعَيَّنُ تَبْدِيلُ الدِّينِ مُقْتَضِيًا لِلْقَتْلِ، بَلْ هُنَاكَ مَعْنًى آخَرُ فِي الرَّجُلِ يَقْتَضِيهِ لَيْسَ فِي الْمَرْأَةِ وَهُوَ جِنَايَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِتَنْقِيصِ عَدَدِهِمْ، وَتَكْثِيرِ عَدُوِّهِمْ وَتَقْوِيَتِهِ، إِذْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالنِّكَايَةِ. وَحِينَئِذٍ جَازَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَتْلِ الرَّجُلِ تَبْدِيلُ الدِّينِ، أَوِ الْجِنَايَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوِ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا. وَحِينَئِذٍ لَا يَتَعَيَّنُ التَّبْدِيلُ عِلَّةً لِلْقَتْلِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ عَلَّلَ الْحَنْبَلِيُّ صِحَّةَ أَمَانِ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ: مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ، فَصَحَّ أَمَانُهُ كَالْحُرِّ، فَعَارَضَهُ الْحَنَفِيُّ بِأَنْ يَقُولَ: فِي الْحُرِّ مَعْنًى لَيْسَ فِي الْعَبْدِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُكَمِّلًا لِمَصْلَحَةِ الْأَمَانِ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لَهَا، وَهُوَ أَنَّ الْحُرَّ مُتَفَرِّغُ الْبَالِ لِلنَّظَرِ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَالِاحْتِيَاطِ لَهُمْ فِي الْأَمَانِ أَوْ عَدَمِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ، فَإِنَّهُ فِي مَظِنَّةِ اشْتِغَالِ الْبَالِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ قَيْدِ الرِّقِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>