للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَمَثَالُ مَنْعِ السَّبَبِيَّةِ: أَنْ يَقُولَ الْحَنْبَلِيُّ فِي الْمُرْتَدَّةِ: بَدَّلَتْ دِينَهَا، فَتُقْتَلُ كَالرَّجُلِ، فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: أُنْثَى، فَلَا تُقْتَلُ بِكُفْرِهَا، كَالْكَافِرَةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَبَيَّنَ أَنَّ تَبْدِيلَ الدِّينِ لَيْسَ سَبَبًا لِقَتْلِ الْمَرْأَةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُتْلَفِ: مَالٌ مَمْلُوكٌ لِمَعْصُومٍ، فَيُضْمَنُ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَلْفِ كَالْبَهِيمَةِ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: إِنْسَانٌ مَعْصُومٌ، فَلَا يَزِيدُ بَدَلُهُ عَلَى الْأَلْفِ كَالْحُرِّ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ الْعِلَّةُ فِي ضَمَانِهِ كَوْنَهُ مَالًا بَلْ كَوْنَهُ إِنْسَانًا مَعْصُومًا، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْعَ السَّبَبِيَّةِ أَعَمُّ مِنْ مَنْعِ الْحُكْمِ، لِأَنَّ مَنْعَ سَبَبِيَّةِ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ قَدْ يَلْزَمُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ بِأَنْ لَا يَكُونَ صَالِحًا لِإِثْبَاتِهِ إِلَّا هُوَ، وَلَا وَصْفَ الْمُعْتَرِضِ الَّذِي يُبْدِيهِ، وَقَدْ لَا يَلْزَمُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ بِأَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُعْتَرِضِ صَالِحًا لِإِثْبَاتِهِ خَالَفَ الْوَصْفَ الْمُسْتَدِلَّ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «فَإِنْ مَنَعَ الْحُكْمَ، احْتَاجَ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِهِ مَانِعًا إِلَى مِثْلِ طَرِيقِ الْمُسْتَدِلِّ فِي إِثْبَاتِ حُكْمِهِ» فِي عِلَّتِهِ وَأَصْلِهِ وَقُوَّةِ عِلَّتِهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مِثَالِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَيْثُ قَالَ الْمُسْتَدِلُّ: رُكْنٌ فَلَا يَرْفَعُ فِيهِ الْيَدَيْنِ كَالسُّجُودِ، فَالسُّجُودُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ رُكْنٌ، وَالْعِلَّةُ وَصْفٌ شَبَهِيٌّ، وَهُوَ كَوْنُ الرُّكُوعِ رُكْنًا كَالسُّجُودِ، فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: رُكْنٌ فَيَرْفَعُ فِيهِ الْيَدَيْنِ كَالْإِحْرَامِ، فَالْإِحْرَامُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ رُكْنٌ، وَالْعِلَّةُ أَيْضًا وَصْفٌ شَبَهِيٌّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَارِضَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَاوِمًا لِلْمُعَارَضِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - وَلَا يُقَاوِمُهُ إِلَّا إِذَا سَاوَاهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>