للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ فِي اجْتِهَادِهِ، بَلْ فِي قَبُولِ فُتْيَاهُ وَخَبَرِهِ» .

أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْمُجْتَهِدِ فِي كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا، لِأَنَّ تَصَوُّرَ الْأَحْكَامِ، وَاقْتِنَاصَهَا بِالْأَدِلَّةِ يَصِحُّ مِنَ الْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ، بَلْ وَالْكَافِرِ. وَلِهَذَا اجْتَهَدَ الْكُفَّارُ فِي مِلَلِهِمْ، وَصَنَّفُوا فِيهَا الدَّوَاوِينَ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ لِقَبُولِ فُتْيَاهُ، وَإِخْبَارِهِ أَنَّ هَذَا حُكْمُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَنَّ الدَّلِيلَ الشَّرْعِيَّ دَلَّ عَلَيْهِ.

وَفَائِدَةُ هَذَا التَّفْصِيلِ: أَنَّ الْفَاسِقَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْحُكْمِ، وَيَأْخُذَ بِهِ لِنَفْسِهِ، أَيْ: يَعْمَلَ بِهِ، وَلَا يُلْزَمُ غَيْرُهُ الْعَمَلَ بِاجْتِهَادِهِ وَقَبُولُ خَبَرِهِ فِيهَا بِدُونِ الْعَدَالَةِ، فَلَوْ أَدَّى الْفَاسِقَ اجْتِهَادُهُ إِلَى أَنَّ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغْيِيرِ، لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ إِذَا كَانَ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِلصَّلَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَا اجْتِهَادَ لَهُ، وَيَعْدِلُ إِلَى التَّيَمُّمِ. وَهَذِهِ تُشْبِهُ مَا سَبَقَ فِي اعْتِبَارِ الْفَاسِقِ فِي الْإِجْمَاعِ، وَأَنَّ إِجْمَاعَهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، دُونَ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>