للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قُلْتُ: وَمَنْ يَجْعَلُ سَعْدًا وَالِيًا، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَالِي وَغَيْرِهِ، لَا يَلْزَمُهُ هَذَا أَيْضًا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَذِنَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَلِرَجُلَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِ، أَيْ: فِي الِاجْتِهَادِ، فَقَالَ لِعَمْرٍو فِي بَعْضِ الْقَضَايَا: «احْكُمْ» ، فَقَالَ: أَجْتَهِدُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ؟ ! قَالَ: نَعَمْ إِنْ أَصَبْتَ فَلَكَ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأْتَ فَلَكَ أَجْرٌ وَقَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَصَاحِبَيْهِ: اجْتَهِدُوا فَإِنْ أَصَبْتُمْ، فَلَكُمْ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِنْ أَخْطَأْتُمْ فَلَكُمْ حَسَنَةٌ فَهَذَا مِنْ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ.

قُلْتُ: وَمَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِذْنِ وَغَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ هَذَا، لِأَنَّهُ بِإِذْنٍ مِنَ الشَّارِعِ.

قُلْتُ: وَهَذِهِ الْآثَارُ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَلَمْ أَقِفْ مِنْهَا إِلَّا عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الِاجْتِهَادَ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى سَائِرِ التَّفَاصِيلِ فِيهِ، لَا هُوَ مُحَالٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ الْمُحَالَ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا. وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، فَالِاجْتِهَادُ فِي زَمَنِهِ جَائِزٌ، وَالدَّلِيلُ بَيِّنٌ غَنِيٌّ عَنْ تَقْرِيرِ مُقَدَّمَاتِهِ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا» يَعْنِي الْمَانِعِينَ، قَالُوا: الِاجْتِهَادُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَلٌ بِالظَّنِّ، مَعَ إِمْكَانِ عِلْمِ حُكْمِ الْوَاقِعَةِ بِالْوَحْيِ، مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>