للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْأَفْضَلِ» مِنْهُمْ «فِي دِينِهِ وَعِلْمِهِ» ، «أَوْ يَتَخَيَّرُ» فَيَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ؟ «فِيهِ خِلَافٌ» .

وَجْهُ اللُّزُومِ: أَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ عِنْدَ الْمُسْتَفْتِي قَوْلَانِ، وَأَحَدُهُمَا خَطَأٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِالرُّجْحَانِ لِذَاتِهِ، فَلَزِمَهُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِرُجْحَانِ أَحَدِ الْقَائِلِينَ، «كَالْمُجْتَهِدِ» إِذَا تَعَارَضَ عِنْدَهُ دَلِيلَانِ، اسْتَعْمَلَ التَّرْجِيحَ فِيهِمَا، فَأَخَذَ بِالْأَرْجَحِ مِنْهُمَا، إِذْ قَوْلُ الْمُجْتَهِدِ عِنْدَ الْمُقَلِّدِ، كَقَوْلِ الشَّارِعِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ.

وَجْهُ التَّخْيِيرِ: مَا سَبَقَ مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى تَسْوِيغِ سُؤَالِ الْمُقَلِّدِ مَنْ شَاءَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَعْلَمُ الْأَفْضَلَ بِالْحَقِيقَةِ، إِنَّمَا يَعْرِفُ ذَا الْفَضْلِ مِنَ النَّاسِ ذَوُوهُ، بَلِ الْعَامِّيِّ يَغْتَرُّ بِظَوَاهِرِ هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ، وَطَيْلَسَانٍ، فَرُبَّمَا اعْتَقَدَ الْمَفْضُولَ فَاضِلًا.

قَوْلُهُ: «الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ» ، أَيْ: وُجُوبُ مُتَابَعَةِ الْأَفْضَلِ، لِأَنَّ الْعَامِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِمَعْرِفَةِ الْفَاضِلِ مِنَ الْمَفْضُولِ، لَكِنْ يُكَلَّفُ مِنْ ذَلِكَ وُسْعَهُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْأَدِلَّةِ، وَالْخَطَأُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ مُغْتَفَرٌ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَخْتَلِفِ الْجَوَابُ عَلَى الْمُسْتَفْتِي، بَلْ إِذَا جَاءَ يَسْتَفْتِي ابْتِدَاءً. أَمَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ، فَيَجِبُ تَخَيُّرُ الْأَفْضَلِ. وَلِذَلِكَ قَالَ الْخِرَقِيُّ: وَإِذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ رَجُلَيْنِ، لَمْ يَتَّبِعْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَيَتَّبِعُ الْأَعْمَى أُوثَقَهُمَا فِي نَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: «وَيُعْرَفُ الْأَفْضَلُ» ، إِلَى آخِرِهِ.

لَمَّا رُجِّحَ وُجُوبُ تَخَيُّرِ الْأَفْضَلِ احْتَاجَ أَنْ يُبَيِّنَ طُرُقَ مَعْرِفَتِهِ، وَهِيَ: إِمَّا إِخْبَارُ الْعَدْلِ، لِأَنَّهُ يُفِيدُ ظَنَّ أَفْضَلِيَّتِهِ، وَهُوَ كَافٍ، أَوْ بِإِذْعَانِ «الْمَفْضُولِ لَهُ وَتَقْدِيمِهِ» عَلَى نَفْسِهِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، كَالتِّلْمِيذِ مَعَ شَيْخِهِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>