للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ قَاطِعًا مَعْصُومًا مِنَ الْخَطَأِ بِشَهَادَةِ الْمَعْصُومِ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِهِ، بِخِلَافِ بَاقِي الْأَدِلَّةِ.

الثَّانِي: كَوْنُهُ آمِنًا مِنَ النَّسْخِ وَالتَّأْوِيلِ بِخِلَافِ بَاقِي الْأَدِلَّةِ، فَإِنَّ النَّسْخَ يَلْحَقُهَا وَالتَّأْوِيلَ يَتَّجِهُ عَلَيْهَا. وَقَدْ سَبَقَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لَا يَلْحَقُ الْإِجْمَاعَ. وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ إِلَّا مَا كَانَتْ دِلَالَتُهُ ظَاهِرَةً وَالْإِجْمَاعُ قَاطِعٌ فَصَارَ فِي عَدَمِ لُحُوقِ التَّأْوِيلِ لَهُ كَالنُّصُوصِ فِي مَدْلُولِهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ذَكَرْتُمْ فِي مَسْأَلَةٍ أَنَّ الْمُبَاحَ غَيْرُ مَأْمُورٍ: أَنَّ الْكَعْبِيَّ تَأَوَّلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَا ذَكَرَ هُنَاكَ.

قُلْنَا: حَيْثُ أُضِيفَ التَّأْوِيلُ إِلَى الْإِجْمَاعِ، فَإِنَّمَا يَرِدُ عَلَى مَوْرِدِ الْإِجْمَاعِ لَا عَلَى ذَاتِ الْإِجْمَاعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: " ثُمَّ الْكِتَابُ، وَيُسَاوِيهِ مُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ لِقَطْعِيَّتِهِمَا " أَيْ: ثُمَّ الْكِتَابُ مُقَدَّمٌ فِي الدِّلَالَةِ بَعْدَ الْإِجْمَاعِ، وَيُسَاوِي الْكِتَابَ فِي ذَلِكَ مُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا قَاطِعَانِ مِنْ جِهَةِ الْمَتْنِ. وَلِذَلِكَ جَازَ نَسْخُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ.

قَوْلُهُ: " ثُمَّ خَبَرُ الْوَاحِدِ ". يَعْنِي هُوَ مُقَدَّمٌ بَعْدَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، " ثُمَّ الْقِيَاسُ بَعْدَ خَبَرِ الْوَاحِدِ.

قَوْلُهُ: " وَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَدِلَّةِ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ وَنَحْوِهِ " مِنْ حَمْلِ الْمُجْمَلِ عَلَى الْمُبَيَّنِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ " سَبَقَ " فِي أَبْوَابِهِ.

وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَهُ وَظَائِفُ، وَهِيَ تَرْتِيبُ الْأَدِلَّةِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا، وَتَرْجِيحُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ عِنْدِ التَّعَارُضِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>