للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَدَّمُ مَا عَضَدَهُ الْحَدِيثُ، لِأَنَّ «السُّنَّةَ مُقَدَّمَةٌ» عَلَى الْكِتَابِ «بِطَرِيقِ الْبَيَانِ» ، أَيْ: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا مُبَيِّنَةً لَهُ بِحَقِّ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النَّحْلِ: ٤٤] .

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعَارُضَ إِمَّا أَنْ يَقَعَ بَيْنَ آيَتَيْنِ، أَوْ خَبَرَيْنِ، أَوْ قِيَاسَيْنِ، أَوْ آيَةٍ وَخَبَرٍ، أَوْ آيَةٍ وَقِيَاسٍ، أَوْ خَبَرٍ وَقِيَاسٍ. وَعَلَى التَّقْدِيرَاتِ السِّتَّةِ، فَالْمُرَجَّحُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ إِمَّا آيَتَانِ، أَوْ خَبَرَانِ، أَوْ قِيَاسَانِ، أَوْ آيَةٌ وَخَبَرٌ، أَوْ آيَةٌ وَقِيَاسٌ، أَوْ خَبَرٌ وَقِيَاسٌ. فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ تَعَارُضًا مَضْرُوبُ سِتَّةٍ فِي سِتَّةٍ، فَحَيْثُ اتَّحَدَ نَوْعُ الْعَاضِدِ وَالْمَعْضُودِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ كَآيَتَيْنِ عَضَدَتْهُمَا آيَتَانِ، أَوْ خَبَرَيْنِ عَضَدَهُمَا خَبَرَانِ، أَوْ قِيَاسَيْنِ عَضَدَهُمَا قِيَاسَانِ ; رُجِّحَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِبَعْضِ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ مِمَّا سَبَقَ أَوْ غَيْرِهِ. وَحَيْثُ اخْتَلَفَ نَوْعُهَا، كَآيَةٍ وَخَبَرٍ مَعَ خَبَرَيْنِ أَوْ آيَتَيْنِ ; فَهَلْ يُقَدَّمُ مَا تَعَدَّدَ نَوْعُ دِلَالَتِهِ أَوْ مَا عَضَدَتْهُ السُّنَّةُ؟ فِيهِ مَا ذُكِرَ. وَالْأَضْبَطُ مِنْ هَذَا أَنْ يُرَجَّحَ مَا تُخِيِّلَ فِيهِ زِيَادَةُ قُوَّةٍ كَائِنًا مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ، وَقَدْ تُتَخَيَّلُ زِيَادَةُ الْقُوَّةِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِهِ.

قَوْلُهُ: «وَمَا وَرَدَ» . أَيْ: وَيُرَجَّحُ مَا وَرَدَ «ابْتِدَاءً» عَلَى غَيْرِ سَبَبٍ عَلَى مَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ «لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ» ، أَيْ: اخْتِصَاصِ ذِي السَّبَبِ «بِسَبَبِهِ» . وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مَعْدُومٌ فِيمَا وَرَدَ ابْتِدَاءً، فَيَكُونُ رَاجِحًا، وَلِأَنَّ الْوَارِدَ عَلَى سَبَبٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ، كَالْمُرْسَلِ مَعَ الْمُسْنَدِ، وَالْمَخْصُوصِ عَلَى غَيْرِ الْمَخْصُوصِ.

قَوْلُهُ: «وَمَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى غَيْرِهِ فِي رِوَايَةٍ» ، أَيْ: إِذَا تَعَارَضَ نَصَّانِ، وَقَدْ عَمِلَ بِأَحَدِهِمَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، فَهَلْ يَكُونُ عَمَلُهُمْ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>