للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ

إِذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُوَسَّعِ، قَبْلَ فِعْلِهِ وَضِيقِ وَقْتِهِ، لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا، لِأَنَّهُ فَعَلَ مُبَاحًا، وَهُوَ التَّأْخِيرُ الْجَائِزُ. لَا يُقَالُ: إِنَّمَا جَازَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ غَيْبٌ، فَلَيْسَ إِلَيْنَا، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ، الْعَزْمُ وَالتَّأْخِيرُ إِلَى وَقْتٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْبَقَاءُ إِلَيْهِ، فَلَوْ أَخَّرَهُ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ قَبْلَ الْفِعْلِ، عَصَى اتِّفَاقًا، فَلَوْ لَمْ يَمُتْ، ثُمَّ فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ أَدَاءٌ لِوُقُوعِهِ فِي وَقْتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ قَضَاءٌ؛ لِأَنَّهُ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى ظَنِّهِ الْمَوْتَ قَبْلَ فِعْلِهِ، فَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْوَقْتِ الْمُضَيَّقِ. وَقَدْ أَلْزَمَ وُجُوبَ نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، إِذْ لَا قَضَاءَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ، وَأَنَّهُ لَوِ اعْتَقَدَ قَبْلَ الْوَقْتِ انْقِضَاءَهُ، عَصَى بِالتَّأْخِيرِ وَلَهُ الْتِزَامُهُ وَمَنْعُ وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي الْأَوَّلِ، وَتَعْصِيَتُهُ فِي الثَّانِي، لِعُدُولِهِ عَمَّا ظَنَّهُ الْحَقَّ. وَالظَّنُّ مَنَاطُ التَّعَبُّدِ، بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ مِثْلَهُ.

"

ــ

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ "

" إِذَا مَاتَ " يَعْنِي الْمُكَلَّفَ " فِي أَثْنَاءِ " وَقْتِ الْوَاجِبِ " الْمُوَسَّعِ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَضِيقِ وَقْتِهِ " مِثْلَ أَنْ مَاتَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ مَا يَتَّسِعُ لِفِعْلِهَا، وَلَمْ يُصَلِّهَا " لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا، لِأَنَّهُ فَعَلَ مُبَاحًا وَهُوَ التَّأْخِيرُ الْجَائِزُ " بِحُكْمِ تَوْسِيعِ الْوَقْتِ.

أَمَّا لَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِهِ، مِثْلَ أَنْ مَاتَ وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ مَا يَتَّسِعُ إِلَّا لِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ عَاصِيًا.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنْ يَكُونَ عِصْيَانُهُ مُقَدَّرًا بِقَدْرِ مَا أَخَّرَهُ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ. إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>