للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: الشَّرْطُ، وَهُوَ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ {جَاءَ أَشْرَاطُهَا} ، وَشَرْعًا: مَا لَزِمَ مِنِ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ أَمْرٍ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ. كَالْإِحْصَانِ وَالْحَوْلِ، يَنْتَفِي الرَّجْمُ وَالزَّكَاةُ لِانْتِفَائِهِمَا. وَهُوَ عَقْلِيٌّ، كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ، وَلُغَوِيٌّ، كَدُخُولِ الدَّارِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. وَشَرْعِيٌّ، كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ. وَعَكْسُهُ الْمَانِعُ، وَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ عَدَمُ الْحُكْمِ. وَنَصْبُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، مُفِيدَةً مُقْتَضَيَاتِهَا، حُكْمٌ شَرْعِيٌّ. إِذْ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الزَّانِي حُكْمَانِ: وُجُوبُ الْحَدِّ وَسَبَبُهُ الزِّنَى لَهُ.

ــ

قَوْلُهُ: «الثَّالِثُ: الشَّرْطُ» أَيِ: الثَّالِثُ مِنْ أَصْنَافِ الْعَلَمِ الشَّرْعِيِّ الْمُعَرِّفِ لِلْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ، هُوَ الشَّرْطُ.

«وَهُوَ لُغَةً» : أَيْ: فِي اللُّغَةِ: «الْعَلَامَةُ» لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [مُحَمَّدٍ: ١٨] ، أَيْ: عَلَامَاتُهَا، كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشَّرْطُ مَعْرُوفٌ - يَعْنِي: بِالسُّكُونِ - وَالشَّرَطُ بِالتَّحْرِيكِ: الْعَلَامَةُ، وَأَشْرَاطُ السَّاعَةِ: عَلَامَاتُهَا.

قُلْتُ: وَمَعَ اتِّفَاقِ الْمَادَّةِ لَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ الْحَرَكَاتِ، وَالْكُلُّ ثَابِتٌ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: «وَشَرْعًا» أَيْ: وَالشَّرْطُ فِي الشَّرْعِ «مَا لَزِمَ مِنِ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ أَمْرٍ عَلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّبَبِيَّةِ» .

فَقَوْلُنَا: مَا لَزِمَ مِنَ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ أَمْرٍ، يَتَنَاوَلُ الشَّرْطَ، وَالسَّبَبَ، وَجُزْءَ السَّبَبِ، فَإِنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ، كَالْإِحْصَانِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ رَجْمِ الزَّانِي، يَنْتَفِي وُجُوبُ الرَّجْمِ لِانْتِفَائِهِ، فَلَا يُرْجَمُ إِلَّا مُحْصَنٌ. وَكَالْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، يَنْتَفِي وُجُوبُهَا لِانْتِفَائِهِ، فَلَا تَجِبُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>