للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: الْأَدَاءُ: فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا. وَالْإِعَادَةُ: فِعْلُهُ فِيهِ ثَانِيًا، لِخَلَلٍ فِي الْأَوَّلِ. وَالْقَضَاءُ: فِعْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ، لِفَوَاتِهِ فِيهِ، لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ.

ــ

قَوْلُهُ: «الثَّانِي» ، أَيِ: الْأَمْرُ الثَّانِي مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَاحِقِ خِطَابِ الْوَضْعِ، أَوْ كَاللَّوَاحِقِ لَهُ، وَهُوَ الْقَوْلُ فِي الْأَدَاءِ وَالْإِعَادَةِ وَالْقَضَاءِ، فَالْأَدَاءُ «فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا» كَفِعْلِ الْمَغْرِبِ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِ الشَّفَقِ، وَالْفَجْرِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مُضَيَّقًا، كَالصَّوْمِ، وَمُوَسَّعًا مَحْدُودًا بِوَقْتٍ كَالصَّلَوَاتِ، أَوْ غَيْرَ مَحْدُودٍ، كَالْحَجِّ، فَإِنَّ وَقْتَهُ الْعُمْرُ، وَتَحْدِيدُهُ بِالْمَوْتِ ضَرُورِيٌّ لَيْسَ كَتَحْدِيدِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ.

وَقَوْلُنَا: «فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ» احْتِرَازٌ مِمَّا رُبِطَ الْأَمْرُ بِفِعْلِهِ بِوُجُودِ سَبَبِهِ كَإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ إِذَا ظَهَرَ، وَإِنْقَاذِ غَرِيقٍ إِذَا وُجِدَ، وَكَالْجِهَادِ إِذَا تَحَرَّكَ الْعَدُوُّ، أَوْ حُصِرَ الْبَلَدُ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ فِعْلٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَلَا يُوصَفُ بِالْأَدَاءِ فِي الِاصْطِلَاحِ لِعَدَمِ تَقْدِيرِ وَقْتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُقَالُ فِي فَاعِلِهِ: إِنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَوْلُنَا: «شَرْعًا» : احْتِرَازٌ مِنَ الْعُرْفِ وَالْعَقْلِ، فَإِنَّهُمَا لَا تَصَرُّفَ لَهُمَا فِي تَقْدِيرِ أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ.

قَوْلُهُ: «وَالْإِعَادَةُ فِعْلُهُ فِيهِ» ، أَيْ: فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا «لِخَلَلٍ فِي الْأَوَّلِ» أَيْ: فِي الْفِعْلِ الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ كَانَ الْخَلَلُ فِي الْأَجْزَاءِ، كَمَنْ صَلَّى بِدُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>