للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْجَوَابُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَكَلُّفٌ، وَلَا أَنَّهُ خَالٍ عَنْ فَائِدَةٍ، بَلِ الْمَجَازُ أَخَفُّ عَلَى اللِّسَانِ، وَأَعْوَنُ عَلَى تَحْقِيقِ الْأَوْزَانِ نَظْمًا وَنَثْرًا، وَعَلَى تَحْقِيقِ الْجِنَاسِ وَالطِّبَاقِ، وَالتَّعْظِيمِ وَالتَّحْقِيرِ، وَهُوَ أَخَفُّ عَلَى الْقُلُوبِ، وَأَسْهَلُ دُخُولًا فِي الْأَسْمَاعِ، وَهُوَ مِنْ بَدِيعِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَمَحَاسِنِهَا.

وَالدَّلِيلُ لَنَا عَلَى ثُبُوتِهِ: أَنَّهُ مُمْكِنٌ وَاقِعٌ. أَمَّا إِمْكَانُهُ فَلِأَنَّ فَرْضَ وُقُوعِهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فِي حَدِّهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَالٌ لِذَاتِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ مُمْكِنٌ، وَأَمَّا وُقُوعُهُ، فَمَا اشْتَهَرَ مِنِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنْ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَى الشُّجَاعِ، وَالْحِمَارِ عَلَى الْبَلِيدِ، وَالْبَحْرِ عَلَى الْعَالِمِ، وَالْجَوَادِ، وَالْفَرَسِ الشَّدِيدِ الْجَرْيِ، فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ لَمَّا رَكِبَهُ: وَجَدْنَاهُ بَحْرًا وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.

وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ إِفَادَةَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَعَ الْقَرِينَةِ حَقِيقَةً: نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ كَمَا بَيَّنَّا، فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: «وَالْحَقُّ ثُبُوتُهُ» ، يَعْنِي أَصْلَ الْمَجَازِ مُطْلَقًا، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.

وَالْحَقُّ ثُبُوتُهُ أَيْضًا فِي الْمُفْرَدِ وَالْمُرَكَّبِ عَلَى الْأَظْهَرِ فِيهِ، لِأَنَّ النِّزَاعَ إِمَّا فِي أَصْلِ الْمَجَازِ أَوْ فِي أَقْسَامِهِ، فَبَعْضُ مَنْ وَافَقَ عَلَى أَصْلِ الْمَجَازِ إِمْكَانًا وَوُقُوعًا نَازَعَ فِي أَقْسَامِهِ فَقَالَ: لَا مَجَازَ إِلَّا فِي مُفْرَدَاتِ الْأَلْفَاظِ دُونَ مُرَكَّبَاتِهَا.

فَالْمَجَازُ الْإِفْرَادِيُّ، أَيِ: الْوَاقِعُ فِي مُفْرَدَاتِ الْأَلْفَاظِ، كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْأَسَدِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>