للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكَلَامُ مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ بِالْإِسْنَادِ، وَهُوَ نِسْبَةُ أَحَدِ الْجُزْئَيْنِ إِلَى الْآخَرِ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ. وَقِيلَ: اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ، وَشَرْطُهُ الْإِفَادَةُ. وَلَا يَأْتَلِفُ إِلَّا مِنِ اسْمَيْنِ، نَحْوَ زَيْدٌ قَائِمٌ. أَوْ فِعْلٍ وَاسْمٍ، نَحْوَ قَامَ زَيْدٌ. فَالْأُولَى جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ. وَالثَّانِيَةُ فِعْلِيَّةٌ، وَيَا زَيْدُ، وَالشَّرْطِيَّةُ، نَحْوَ إِنْ تَقُمْ أَقُمْ، فِعْلِيَّتَانِ.

ــ

قَوْلُهُ: " وَالْكَلَامُ مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ بِالْإِسْنَادِ "، إِنَّمَا قَالَ: مَا تَضَمَّنَ، وَلَمْ يَقُلْ: مَا تَأَلَّفَ أَوْ تَرَكَّبَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مِثْلُ: اضْرِبْ، وَنَحْوِهِ مِمَّا أَحَدُ جُزْئَيْهِ غَيْرُ مَلْفُوظٍ بِهِ، لَكِنَّهُ فِي ضِمْنِ الْمَلْفُوظِ بِهِ، وَالتَّضَمُّنُ أَخَصُّ مِنَ التَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ، لِأَنَّ التَّرْكِيبَ وَالتَّأْلِيفَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شَيْئَيْنِ يُرَكَّبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ يَأْلَفُهُ، بِخِلَافِ التَّضَمُّنِ، فَإِنَّهُ حُصُولُ شَيْءٍ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ آخَرَ: فِي طَيِّهِ، فَقَدْ لَا يَكُونُ مَلْفُوظًا بِهِ، كَالْفَاعِلِ فِي فِعْلِ الْأَمْرِ، وَفِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ إِذَا سَبَقَهُ ظَاهِرٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، نَحْوَ: اضْرِبْ، وَزَيْدٌ ضَرَبَ وَيَضْرِبُ.

فَقَوْلُهُ: " مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ " يَشْمَلُ مَا كَانَ بِالْإِسْنَادِ وَبِدُونِهِ، كَالْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ، نَحْوَ: غُلَامُ زَيْدٍ، وَالصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ، نَحْوَ: رَجُلٌ صَالِحٌ، لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِكَلَامٍ مَا لَمْ يَكُنِ التَّضَمُّنُ الْمَذْكُورُ إِسْنَادِيًّا، فَلَمَّا قَالَ: " بِالْإِسْنَادِ " خَرَجَ ذَلِكَ، وَصَارَ الْحَدُّ مَقْصُورًا عَلَى التَّضَمُّنِ الْإِسْنَادِيِّ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، وَقَامَ زَيْدٌ.

قَوْلُهُ: " وَهُوَ " يَعْنِي الْإِسْنَادَ، " نِسْبَةُ أَحَدِ الْجُزْئَيْنِ إِلَى الْآخَرِ إِفَادَةُ الْمُخَاطَبِ " فَائِدَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا، فَفِي قَوْلِنَا: زَيْدٌ قَائِمٌ، قَدْ نَسَبْنَا أَحَدَ الْجُزْئَيْنِ، وَهُوَ قَائِمٌ، إِلَى الْجُزْءِ الْآخَرِ، وَهُوَ: زَيْدٌ، وَكَذَلِكَ فِي قَامَ زَيْدٌ: نَسَبْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>