للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ صَنَّفَ الصَّحِيحَ، وَمِنْهُمْ مَنِ الْتَزَمَ الْأَوَّلَ فَقَطْ، وَهُوَ حِفْظُ السُّنَّةِ بِطُرُقِهَا، ثُمَّ قَالَ بِلِسَانِ حَالِهِ أَوْ مَقَالِهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَا قَدْ حَفِظْتُ عَلَيْكُمْ هَذِهِ السُّنَّةَ؛ فَانْظُرُوا أَنْتُمْ فِيهَا؛ فَاعْمَلُوا بِصَحِيحِهَا، وَدَعُوا سَقِيمَهَا، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ مُسْنَدِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ جَوَامِعِ الْحَدِيثِ. فَإِنَّ أَحْمَدَ رَوَى فِي مُسْنَدِهِ الْقَوِيَّ وَاللَّيِّنَ، وَقَالَ: كُلُّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَارْجِعُوا فِيهِ إِلَى هَذَا الْمُسْنَدِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا لَهُ أَصْلًا فِيهِ؛ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ فَإِنِّي قَدِ انْتَقَيْتُهُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، وَخَمْسِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ؛ فَبَيَّنَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ مَقْصُودَهُ فِي مُسْنَدِهِ تَدْوِينُ السُّنَّةِ الْمَرْوِيَّةِ، لَا بَيَانُ صَحِيحِهَا مِنْ سَقِيمِهَا، ثُمَّ لَمَّا احْتَاجَ عِنْدَ الْعَمَلِ إِلَى مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِهِ، بَيَّنَ ذَلِكَ بِأَسْبَابِهِ وَعِلَلِهِ، فِي مَسَائِلِهِ الْمَنْقُولَةِ عَنْهُ، كَـ «جَامِعِ الْخِلَالِ» ، وَ «زَادِ الْمُسَافِرِ» وَ «مَسَائِلِ حَرْبٍ» ، وَكِتَابِ «الْعِلَلِ» ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُ، وَهُوَ كَثِيرُ جِدًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>