للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَرْعًا، لَا عَقْلًا.

قَوْلُهُ: «وَالْكُلُّ ثَابِتٌ» ، أَيْ: جَوَازُ النَّسْخِ عَقْلًا وَشَرْعًا وَوُقُوعُهُ.

«أَمَّا الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ - خِلَافًا لِبَعْضِ الْيَهُودِ» ، وَهُمُ الشَّمْعُونِيَّةُ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ - «فَدَلِيلُهُ» ، أَيْ: فَدَلِيلُ الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ، مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: «مَا سَبَقَ مِنْ جَوَازِ دَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَ الْمَصَالِحِ وُجُودًا وَعَدَمًا» ، أَيْ: يَجُوزُ وُجُودُ الْحُكْمِ لِوُجُودِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَيَنْتَفِي لِانْتِفَائِهَا كَغِذَاءِ الْمَرِيضِ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي كَيْفِيَّتِهِ، وَكَمِّيَّتِهِ، وَزَمَانِهِ، لِاخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ فِي ذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ الطَّبِيبَ يَنْهَاهُ الْيَوْمَ عَمَّا يَأْمُرُهُ بِهِ غَدًا، وَيَأْمُرُهُ بِتَقْلِيلِ الْغِذَاءِ وَتَلْطِيفِهِ الْيَوْمَ، وَيَأْمُرُهُ بِتَكْثِيرِهِ وَتَغْلِيظِهِ غَدًا، لِمَا ذَكَرْنَاهُ ; فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِي وَقْتٍ ; فَيُؤْمَرُ بِهِ تَحْصِيلًا لَهَا، وَيَكُونُ فِيهِ مَفْسَدَةٌ فِي وَقْتٍ ; فَيَنْهَى عَنْهُ نَفْيًا لَهَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «الْوُقُوعَ لَازِمٌ لِلْجَوَازِ» ، كَذَا وَقَعَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْجَوَازَ لَازِمٌ لِلْوُقُوعِ ; لِأَنَّ لَازِمَ الشَّيْءِ هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ ذَلِكَ الشَّيْءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>