للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَكَانَهُ غَيْرَهُ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ النَّسْخُ فِي الشَّرِيعَةِ، تَارَةً إِلَى الْبَدَلِ، وَتَارَةً لَا إِلَى بَدَلٍ.

وَأَيْضًا: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى مَصْلَحَةَ الْمُكَلَّفِ فِي نَسْخِ الْحُكْمِ عَنْهُ لَا إِلَى بَدَلٍ، وَرَدِّهِ إِلَى مَا قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ إِبَاحَةٍ أَوْ حَظْرٍ أَوْ وَقْفٍ، عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الْخِلَافِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ لَمْ يَكُنِ النَّسْخُ لَا إِلَى بَدَلٍ جَائِزًا، لَمَا وَقَعَ، لَكِنَّهُ قَدْ وَقَعَ ; فَيَكُونُ جَائِزًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ ; لِأَنَّ تَقْدِيمَ الصَّدَقَةِ أَمَامَ النَّجْوَى، أَيْ: بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى، وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ، نُسِخَ لَا إِلَى بَدَلٍ.

وَشَرْحُ ذَلِكَ: أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَكْثَرُوا مِنْ سُؤَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ فِي سَبَبِهَا: أَنَّ قَوْمًا مِنْ شَبَابِ الْمُؤْمِنِينَ، كَثُرَتْ مُنَاجَاتُهُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ، إِلَّا لِتَظْهَرَ مَنْزِلَتُهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمْحًا لَا يَرُدُّ أَحَدًا ; فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُشَدِّدَةً عَلَيْهِمْ أَمْرَ الْمُنَاجَاةِ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْأَغْنِيَاءِ ; لِأَنَّهُمْ غَلَبُوا الْفُقَرَاءَ عَلَى مُنَاجَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَجْلِسِهِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ.

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَالْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} [الْمُجَادَلَةِ: ١٢] ، قَالَا: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، مَا كَانَتْ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: جَاءَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِدِينَارٍ ; فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَكَلَّمَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمْسَكَ النَّاسُ عَنْ كَلَامِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَزَلَ التَّخْفِيفُ ; فَقَالَ: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ: {خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الْمُجَادَلَةِ: ١٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>