للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَاخْتِيَارُ الْآمِدِيِّ هَاهُنَا، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَعُمْدَتُهُ فِي ذَلِكَ بَيَانُ شُبَهِ الْمُخَالِفِينَ، وَاتِّجَاهُ الْقَدْحِ فِيهَا ; فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ عَلَى حُجَّةِ الْقَادِحِ فِيهَا.

قُلْتُ: وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ جَيِّدَةٌ فِي الْمُطَالَبَةِ الْقَطْعِيَّةِ، أَمَّا الظَّنِّيَّةُ ; فَيَكْفِي فِيهَا ظُهُورُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَإِنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ قَادِحٌ مَا.

هَذِهِ أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ فِي مُقْتَضَى الْأَمْرِ: الْوُجُوبُ، وَالنَّدْبُ، وَالْإِبَاحَةُ، وَالْوَقْفُ. وَقَدْ ذُكِرَ تَوْجِيهُ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْوُجُوبُ.

قَوْلُهُ:» لَنَا: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} إِلَى آخِرِهِ.

أَيْ: لَنَا عَلَى اقْتِضَاءِ الْأَمْرِ الْوُجُوبَ وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النُّورِ: ٦٣] ; فَتَوَعَّدَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِ الرَّسُولِ بِالْعَذَابِ، وَالْوَعِيدُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ امْتِثَالَ أَمْرِهِ وَاجِبٌ، وَلَا يَعْنِي بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ إِلَّا هَذَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْكُفَّارِ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [الْمُرْسَلَاتِ: ٤٨، ٤٩] ، وَلَمَّا أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ ; فَأَبَى، قَالَ لَهُ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} إِلَى قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>