للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَقَوْلُهُ: «عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعْلَاءِ» ; فَائِدَتُهُ مَا سَبَقَ فِي الْأَمْرِ، وَهُوَ الِاحْتِرَازُ مِنَ السُّؤَالِ، نَحْوَ: لَا تُعَذِّبْنَا، {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦] ، وَمِنَ الِالْتِمَاسِ، نَحْوَ قَوْلِ الْمُسَاوِي لِمُسَاوِيهِ: لَا تَضْرِبْ فُلَانًا، لَا تُؤْذِهِ، عَلَى جِهَةِ الشَّفَاعَةِ ; فَطَلَبُ الْفِعْلِ أَوِ الْكَفِّ عَنْهُ، بِصِيغَةِ افْعَلْ أَوْ لَا تَفْعَلْ إِنْ كَانَا مِنْ أَدْنَى ; فَهُوَ دُعَاءٌ، أَوْ مِنْ مُسَاوٍ ; فَهُوَ شَفَاعَةٌ وَالْتِمَاسٌ، أَوْ مِنْ أَعْلَى عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعْلَاءِ ; فَهُوَ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ، وَقَدْ سَبَقَ هَذَا.

قَوْلُهُ: «وَقَدِ اتَّضَحَ فِي الْأَوَامِرِ أَكْثَرُ أَحْكَامِهِ» ، أَيْ: أَكْثَرُ أَحْكَامِ النَّهْيِ «إِذْ لِكُلِّ حُكْمٍ مِنْهُ» ، أَيْ: مِنَ النَّهْيِ، «وَزَانٌ مِنَ الْأَمْرِ» ، أَيْ: حُكْمُ مُوَازَنَةٍ «عَلَى الْعَكْسِ» .

مِثَالُهُ: فِي حَدِّهِمَا: أَنَّ الْأَمْرَ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ، وَالنَّهْيَ اقْتِضَاءُ كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ، وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ، مَعَ احْتِمَالِ النَّدْبِ. وَالنَّهْيُ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ، مَعَ احْتِمَالِ الْكَرَاهَةِ، وَصِيغَةُ الْأَمْرِ: افْعَلْ، وَصِيغَةُ النَّهْيِ: لَا تَفْعَلْ، وَالنَّهْيُ يَلْزَمُهُ التَّكْرَارُ، وَالْفَوْرُ وَالْأَمْرُ يَلْزَمَانِهِ، عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَكَمَا يَخْرُجُ الْمُكَلَّفُ عَنْ عُهْدَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِفِعْلِهِ، كَذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِتَرْكِهِ ; فَهَذَا مَعْنَى الْمُوَازَنَةِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

قَوْلُهُ: «وَهُوَ» ، يَعْنِي النَّهْيَ «عَنِ السَّبَبِ الْمُفِيدِ حُكْمًا يَقْتَضِي فَسَادَهُ مُطْلَقًا» ، أَيْ: إِذَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي يُفِيدُ حُكْمًا، اقْتَضَى فَسَادَهُ مُطْلَقًا، يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ النَّهْيُ عَنْهُ لِعَيْنِهِ، أَوْ لِغَيْرِهِ، فِي الْعِبَادَاتِ، أَوْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>