للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَقْتَضِي فَسَادَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ. نَعَمْ يَحْرُمُ تَعَاطِيهَا، أَوْ يُكْرَهُ لِأَجْلِ النَّهْيِ.

- قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْهُ لِعَيْنِهِ، لَا لِغَيْرِهِ، لِجَوَازِ الْجِهَتَيْنِ» ، أَيْ: وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ لِعَيْنِهِ يَقْتَضِي فَسَادَهُ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ لَا يَقْتَضِي فَسَادَهُ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ الْوَاحِدِ جِهَتَانِ، هُوَ مَقْصُودٌ مِنْ إِحْدَاهُمَا، مَكْرُوهٌ مِنَ الْأُخْرَى، كَمَا قِيلَ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ ; فَلَوْ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ لِعَيْنِهَا، أَيْ: لِكَوْنِهَا صَلَاةً، اقْتَضَى فَسَادَهَا مُطْلَقًا، وَإِذَا نَهَى عَنْهَا لِمَا لَابَسَهَا مِنْ مَعْصِيَةِ الْغَصْبِ، لَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا، وَكَذَلِكَ الْكُفْرُ، لَمَّا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِكَوْنِهِ كُفْرًا، اقْتَضَى النَّهْيُ فَسَادَهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ، لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهِ، بَلْ آثَارُهُ وَأَحْكَامُهُ الْوَاقِعَةُ فِيهِ مِمَّا يُنَافِي حُكْمَ الْإِسْلَامِ، بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا يُقَرُّ أَهْلُهَا عَلَى بَعْضِهَا، حَيْثُ يُقَرُّونَ عَلَيْهَا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، كَأَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ وَعُقُودِهِمْ، لَا لِكَوْنِهَا صَحِيحَةً، بِخِلَافِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ النَّجَشِ وَالتَّلَقِّي، فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لَا لِكَوْنِهِ بَيْعًا، بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ، وَهُوَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ النَّهْيَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرًا فِي فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِالْجُمْلَةِ، لَكِنْ إِذَا تَعَلَّقَ بِالشَّيْءِ لِعَيْنِهِ، كَانَ أَمَسَّ بِهِ وَأَخَصَّ ; فَقَوِيَ عَلَى التَّأْثِيرِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا نُهِيَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ تَعَلُّقَهُ بِهِ ضَعِيفٌ، وَالْأَصْلُ يَقْتَضِي صِحَّةَ أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ ; فَلَا يَقْوَى هَذَا السَّبَبُ الضَّعِيفُ عَلَى رَفْعِ هَذَا الْأَصْلِ الْقَوِيِّ، وَأَيْضًا النَّهْيُ عَنْهُ لِعَيْنِهِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاتَهُ مَنْشَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>