للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصور: يا اسحاق بن مسلم أفرطت في وفائك لبني أمية، فقال: يا أمير المؤمنين اسمع جوابي قال: هات، قال: من وفى لمن لا يرجي كان لمن يرجي أوفى، قال:

صدقت.

قال: وحدثنا الصولي قال: حدثنا ثعلب قال: حدثني أبو العباس المبرد قال:

لما بلغ أبا جعفر المنصور وفاة أبي العباس السفاح، بعث الى اسحاق بن مسلم العقيلي، وكان معه عند منصرفه من مكة، فحادثه ساعة، ثم قال له: انه يخطر ببالي ما يعرض للناس من الفكر، فقلت: انه يغدا على الأنفس ويراح، وان الأحداث غير مأمونه، فلو حدث يا أمير المؤمنين حدث ونحن بالموضع الذي نحن فيه كيف كان الرأي وما ترى عبد الله بن علي يصنع؟ قال اسحاق: أيها الأمير ليس لمكذوب رأي، اصدق الحديث أنصح لك الرأي، فأخبره الخبر، وسأله عن رأيه، فقال:

ان كان ابن علي ذا حزم بعث حين يصل اليه الخبر، خيلا فتلقاك في هذا الموضع البراري فحال بينك وبين دار الملك، وأخذتك فأتته بك (٢٩٨ - ظ‍) أسيرا، قال:

ويحك ان لم يفعل هذه، دعني عنها، قال: يقعد على دوابه فانما هي ليال يسيرة حتى يقدم الأنبار، فيحتوي على بيوت الأموال والخزائن والكراع، فيصير طالبا وأنت مطلوب، فان لم يوفق قبل ذلك فلا حياة لعمك (١).

وذكر أحمد بن يحيى البلاذري أن اسحاق بن مسلم حج مع أبي جعفر المنصور، وكان عديله. (٢).

قال: وحدثني أحمد بن الحارث عن المدائني قال: مات اسحاق بن مسلم ببثرة خرجت به في ظهره، فحضر المنصور جنازته، وحمل سريره حتى وضعه وصلى عليه وجلس عند قبره فقال له موسى بن كعب أو غيره: أتفعل هذا به؟! قال: وكان الله مبغضا لك، كارها لخلافتك، فقال: ما فعلت هذا إلاّ شكرا لله اذ قدمه أمامي، قال: أفلا أخبر أهل خراسان بهذا من رأيك فقد دخلتهم وحشة لك لما فعلت، قال:

بلى، فأخبرهم فكبروا.


(١) -الخبر ليس في الكامل للمبرد انظره في تاريخ ابن عساكر:٢/ ٣٩٣ ظ‍ وفي أنساب الاشراف:٣/ ١٨٩.
(٢) - انظر أنساب الاشراف:٣/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>