للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلكه ونسج على منواله، فان الشيخ أبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الفقيه الدمشقي أخبرنا بها قال أخبرنا عمي الحافظ‍ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي وأبو محمد عبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد بن عوف قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن منير قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خريم قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا غالب بن غزوان الثقفي قال: حدثنا صدقة بن يزيد الخراساني عمن حدثه قال: لما أتى ذو القرنين العراق استنكر قلبه فبعث الى تراب الشام فأتي به، فجلس عليه، فرجع اليه ما كان يعرف من نفسه (١).

ولا أشك أن التراب الذي أحضر اليه من تراب حلب، أو بعض عملها لما ذكرناه من فعل أرسطو، ولما بيناه في الباب المتقدم من أن الاقليم الرابع واسطة الاقاليم وأطيبها ماء وأعدلها هواء وأحسنها أهلا، وأصحها طباعا، وليس في بلاد الشام من الاقليم الرابع غير حلب وأعمالها.

وقرأت بخط‍ الحافظ‍ أبي نصر بن فتوح الحميدي قال: ووقع طاعون ووباء بالشام فأراد الوليد أن يخرج الى حلب فيقيم بها، فقال له رجل يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل يقول: «قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا» (٢) فقال له الوليد: فذلك القليل أريد.

قلت وقد كان جماعة من بني أمية اختاروا المقام بناحية حلب، وأثروها على دمشق مع طيب دمشق وحسنها، وكونها وطنهم، ولا يرغب الانسان عن وطنه إلاّ بما هو أفضل منه، فمنهم هشام بن عبد الملك انتقل الى الرصافة، وسكنها واتخذها


(١) - ابن عساكر ١ - ١٣٤.
(٢) - القرآن الكريم، سورة الاحزاب الآية:١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>