للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا در زمان صرت أمدحكم … فيه لأطلب من جدواكم عدسا

مدحتكم غرة مني فكنت كمن … يبخر (١) الثوب بالهندي ثم فسا

[أبو القاسم بن الحمامي]

خطيب طرسوس، كان خطيبا فصيحا حسن المقاصد، ذكره القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور ونقلته من خطه، وعد أئمة جامع طرسوس وخطبائه، فقال ومن الخطباء أبو القاسم بن الحمامي، وقد كان أوتي حظا من الحكمة والبيان ونصيبا وافرا من الخطب، لكل شأن، ورزق من حسن النثر في كلامه أمرا بديعا ومن تأتيه لما يحدث من أحوال الناس سببا صعبا منيعا.

قال القاضي أبو عمرو: حدثني أبو الفرج أبان بن أحمد بن أبان، أحد أمراء الثغر وحماته وفرسانه، وقد ذكر ذاكر فضل أبي القاسم بن الحمامي الخطيب، وحسن فصاحته، فقال: كان بعض الأمراء نادى بغزاة عقدها، فلما حضر المسجد الجامع للخروج منه على الرسم، اتصل الشتاء، ودامت الأمطار والأنداء فثبط‍ فريق من الناس عن السفر، وعاين أبو القاسم وهو على المنبر دون ما يعهد من عدد من حضر، فخطب على رسمه ثم تلا وأومأ إلى الرعية يقول: «ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله» وأومأ الى السلطان الحاضر، لعقد تلك الغزاة، والخروج فيها، ثم قال: «ولا يرغبوا بأنفسهم (١٧٤ - و) عن نفسه» يومي إليه مرة وإليهم أخرى «ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ‍ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلاّ كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع (أجر) المحسنين» (٢)، فتجددت (٣) نيات جماعته موعظته في خطبته، وتجهزت طائفة كثيرة منهم للغزو مسرعه من وقته الذي ذكر فيه وساعته، وتخلىّ لما برزوا إلى ظاهر البلد ما كان اتصل من المطر وشدته،


(١) كتب ابن العديم بالهامش: كمن قد بخر أجود.
(٢) سورة التوبة-الآية:١٢٠.
(٣) كذا بالاصل ولو قال: فجددت، لكان أقوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>