للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزلته تزداد ومرتبته ترتفع الى أن مات الملك المعظم عيسى، وولي ابنه صلاح الدين داود (٨٠ - و) دمشق فاستمر في القضاء على حاله، إلا أن داود بن عيسى ولىّ القضاء أيضا معه القاضي محي الدين يحيى بن محي الدين محمد بن الزكي، ونزل الملك الكامل محمد والملك الاشرف موسى على دمشق وحصراها وفتحاها، وسلمت الى الملك الاشرف موسى، فعزل ابن الزكي عن القضاء واستمر شمس الدين أحمد الخوّيي على قضاء القضاة في سنة سبع وعشرين وستمائة.

وسمت نفسه الى حفظ‍ القرآن العزيز ولم يكن يحفظه، فحدثني جماعة بدمشق أنه ألزم نفسه بحفظه حتى حفظه جميعه، وكان يقرأه وهو قاضي القضاة على بعض القراء بدمشق، فكان يجلس بين يديه وهو قاضي القضاة بجامع دمشق كما يجلس التلميذ بين يدي الاستاذ، ثم انه رغب عن القضاء ومال الى الزهد والانقطاع، وطلب من الملك الاشرف الا قالة من القضاء، وأن يأذن له في الحج، فأجابه الى ذلك، وحج الى بيت الله الحرام، وأرسله الملك الاشرف في رسالة الى سلطان الروم كيقباذ بن كيخسرو، فتوجه اليه، واجتاز علينا بحلب في سنة أربع وثلاثين وستمائة، ثم انه ولي القضاء بعد ذلك مرة ثانية، فبقي قاضيا بها، ومرض مرضة بحمى السل، وتوفي بدمشق في سنة سبع وثلاثين وستمائة.

وكنت اذ ذاك رسولا بمصر فبلغتني وفاته وأنا بها، وكان بيني وبينه اجتماع ومخالطة بحلب ودمشق، وسمع معي بحلب الحديث وكان حسن العشرة حلو العبارة في بحثه، موفقا في أحكامه، لا (٨٠ - ظ‍) تأخذه في الله لومة لائم، ولا يراعي في أحكامه ذا سلطان لسلطانه ولا ذا جاه لجاهه، بل يجري على سنن الحق وطريق العدل. (١)

وكان قد سمع بنيسابور المؤيد بن محمد بن علي الطوسي، وحدث عنه


(١).٧٨ ظ‍ في الاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>