للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حذيفة إسحاق بن بشر: وقال الحسن: إن مدينة أنطاكية من مدائن جهنم.

قلت ظن أبو حذيفة أن الحسن أراد بقوله ان مدينة أنطاكية من مدائن جهنم، أنطاكية الشام، فذكر ذلك عقيب ذكر حبيب النجّار وأخذ أهل أنطاكية بالصيحة، وليس الأمر كذلك، بل المراد من أنطاكية التي ذكرها الحسن أنطاكية المحترقه، وهي أنطاكية الروم، لما نذكره ونبينه، وأخذ أهل أنطاكية بالصيحة لعتوهم وتكذيبهم، لا يدلّ على عدم الفضيلة، فإن مكة أشرف البقاع وقد كذب أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتقم الله منهم، ونصره عليهم، بل عقوبة الجاني في الموضع الشريف أليق بحال الجاني، ألا ترى إلى أصحاب الفيل كيف انتهكوا (٢٦ - ظ‍) حرمة الحرم، فأهلكهم الله تعالى كما أخبر في كتابه بقوله تعالى: «وأرسل عليهم طيرا أبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل. فجعلهم كعصف مأكول» (١)، فكان ذلك زيادة في شرف الحرم، فهكذا فيما نحن فيه. ألا ترى إلى ما حكيناه فيما تقدم من تسميتها مدينة الله، أنه لما خسف بها رأى رجل صالح في نومه قائلا يقول: تكتب على أبواب المدينة الله معنا، فسميت مدينة الله.

والدليل على أن المراد بقول الحسن أنطاكية الروم، ما أخبرنا الشيخ الإمام أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد قال أخبرنا جدي أبو عبد الله قال: أخبرنا أبو المعمّر المسدّد بن علي بن عبد الله بن العباس بن أبي السّحيس الحمصي، قدم علينا، قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن سليمان بن يوسف الربعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل الكوفي قال: حدثنا ادريس بن سليمان بالرملة قال: حدثنا عبد الرحمن بن خالد بن حازم قال: حدثنا الوليد بن محمد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي


(١) - القرآن الكريم سورة الفيل:٣ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>