للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ أَصْلُهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الْمُغْرِي لِلْحَيَوَانِ) مِنْ حَيْثُ إِنَّ انْبِعَاثَ الْوَلِيِّ لِلتَّشَفِّي وَالِانْتِقَامِ فِي الْفَرْعِ لِغَلَبَةِ إِقْدَامِ الْمُكْرَهِ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ؛ طَلَبًا لِخَلَاصِ نَفْسِهِ أَغْلَبُ مِنْ إِقْدَامِ الْحَيَوَانِ بِالْإِغْرَاءِ عَلَى الْآدَمِيِّ بِسَبَبِ غَلَبَةِ نُفْرَتِهِ عَنْهُ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَيُبَيِّنُ الْغَلَبَةَ بِمَا يُسَاعِدُ فِي آحَادِ الْمَسَائِلِ.

[الِاعْتِرَاضُ الثَّانِيَ وَالْعِشْرُونَ إِذَا اتَّحَدَ الضَّابِطُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَاخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَصْلَحَةِ]

الِاعْتِرَاضُ الثَّانِيَ وَالْعِشْرُونَ (١)

إِذَا اتَّحَدَ الضَّابِطُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَاخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَصْلَحَةِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ اللِّوَاطِ: أَوْلَجَ فَرْجًا فِي فَرْجٍ مُشْتَهًى طَبْعًا، مُحَرَّمٌ شَرْعًا، فَوَجَبَ بِهِ الْحَدُّ كَالزِّنَا.

فَلِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يَقُولَ: الضَّابِطُ وَإِنْ كَانَ مُتَّحِدًا، غَيْرَ أَنَّ الْحِكْمَةَ الَّتِي فِي الْفَرْعِ وَهِيَ صِيَانَةُ النَّفْسِ عَنْ رَذِيلَةِ اللِّيَاطَةِ مُخَالِفَةٌ لِحِكْمَةِ الْأَصْلِ، وَهِيَ دَفْعُ مَحْذُورِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ الْمُفْضِي إِلَى تَضْيِيعِ الْمَوْلُودِ وَانْقِطَاعِ نَسْلِ جِنْسِ الْإِنْسَانِ.

وَعِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِبَارِ الضَّابِطِ فِي الْأَصْلِ لِمَا لَزِمَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ اعْتِبَارُهُ فِي الْفَرْعِ لِغَيْرِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ، لِجَوَازِ أَنْ لَا تَكُونَ قَائِمَةً مَقَامَهَا فِي نَظَرِ الشَّارِعِ.

وَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: التَّعْلِيلُ إِنَّمَا وَقَعَ بِالضَّابِطِ الْمُشْتَرَكِ الْمُسْتَلْزِمِ لِدَفْعِ الْمَحْذُورِ اللَّازِمِ مِنْ عُمُومِ الْجِمَاعِ، وَالتَّعَرُّضِ لِحَذْفِ خُصُوصِ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْأَصْلُ مِنَ الزِّنَا وَمَقْصُودِهِ اللَّازِمِ عَنْهُ وَحَذْفِهِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْحَذْفِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا فِي السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ.

[الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ أَنْ يُقَالَ حُكْمُ الْفَرْعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْأَصْلِ فَلَا قِيَاسَ]

الِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ

أَنْ يُقَالَ: حُكْمُ الْفَرْعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَلَا قِيَاسَ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعْدِيَةِ حُكْمِ الْأَصْلِ إِلَى الْفَرْعِ بِوَاسِطَةِ الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا، وَمَعَ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ، فَحُكْمُ الْأَصْلِ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا إِلَى الْفَرْعِ فَلَا قِيَاسَ.

وَجَوَابُهُ بِبَيَانِ اتِّحَادِ الْحُكْمِ، إِمَّا عَيْنًا وَذَلِكَ كَمَا فِي قِيَاسِ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَقِيَاسِ صِحَّةِ الْبَيْعِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ (٢) وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ إِلَى الْمَحَلِّ، وَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ


(١) انْظُرِ الْمَسْأَلَةَ الْخَامِسَةَ فِي حُكْمِ إِجْرَاءِ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَابِ.
(٢) الْعِبَارَةُ فِي الْمِثَالَيْنِ فِيهَا تَسَامُحٌ، وَالْمُنَاسَبُ أَنْ يُقَالَ كَقِيَاسِ الصَّوْمِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْوُجُوبِ، وَكَقِيَاسِ بَيْعِ الْغَائِبِ مَثَلًا عَلَى نِكَاحِ الْغَائِبَةِ فِي الصِّحَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ لَا جَامِعَ فِيهِ، وَحُكْمُ الْوُجُوبِ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَكُونَ أَصْلًا وَالْآخَرُ فَرْعًا أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>