للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُؤَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ السَّائِلُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنَ الْمَسْئُولِ.

وَعَنِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ: (بِأُولِي الْأَمْرِ) الْوُلَاةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّعِيَّةِ، وَالْمُجْتَهِدِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَوَامِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَوْجَبَ الطَّاعَةَ لَهُمْ، وَاتِّبَاعُ الْمُجْتَهِدِ لِلْمُجْتَهِدِ وَإِنْ جَازَ عِنْدَ الْخُصُومِ فَغَيْرُ وَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ عُمُومِ الْآيَةِ.

وَعَنِ السُّنَّةِ: مَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ هَلْ هُوَ حُجَّةٌ أَوْ لَا؟

وَعَنِ الْإِجْمَاعِ: أَمَّا عُمَرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُقَلِّدًا لَعَلِيٍّ وَلِمُعَاذٍ فِيمَا ذَهَبَا إِلَيْهِ، بَلْ لِأَنَّهُ اطَّلَعَ مِنْ قَوْلَيْهِمَا عَلَى دَلِيلٍ أَوْجَبَ رُجُوعَهُ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا قِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهَا فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (١) وَعَنِ الْمَعْقُولِ: أَنَّهُ لَوِ اجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى حُكْمٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ فِي خِلَافِ مَا أَدَّى إِجْمَاعًا، فَلَوْ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ مَعَ عَدَمِ الِاجْتِهَادِ لَكَانَ ذَلِكَ بَدَلًا عَنِ اجْتِهَادِهِ، وَالْبَدَلُ دُونَ الْمُبْدَلِ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعُدُولُ إِلَى الْبَدَلِ مَعَ إِمْكَانِ تَحْصِيلِ الْمُبْدَلِ مُبَالَغَةً فِي تَحْصِيلِ الزِّيَادَةِ مِنْ مَقْصُودِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَرِدَ نَصٌّ بِالتَّخْيِيرِ يُوجِبُ إِلْغَاءَ الزِّيَادَةِ مِنْ مَقْصُودِ الْمُبْدَلِ أَوْ نَصٌّ بِأَنَّهُ بَدَلٌ عِنْدَ الْعَدَمِ لَا عِنْدَ الْوُجُودِ (٢) ، كَمَا فِي بِنْتِ مَخَاضٍ وَابْنِ لَبُونٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنَّ وُجُودَ بِنْتِ مَخَاضٍ يَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ ابْنِ لَبُونٍ، وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ النَّصِّ.

كَيْفَ وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مَعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} .


(١) انْظُرْ مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا ص ١٥٣ ج ٤.
(٢) هَكَذَا فِي النُّسَخِ الْمَطْبُوعَةِ، وَفِي الْمَخْطُوطَةِ: (نَصٌّ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عِنْدَ الْوُجُودِ لَا عِنْدَ الْعَدَمِ) وَالَّذِي فِي النُّسَخِ الْمَطْبُوعَةِ هُوَ الَّذِي يَتَنَاسَبُ مَعَ التَّنْظِيرِ الَّذِي بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>