للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} فَإِنَّهُ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ بَيَانُ الْجَمْعِ.

الْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ إِلَى الِاحْتِيَاطِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَالْأَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِيَاطِ يَكُونُ مُقَدَّمًا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ.

الثَّانِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ الصَّحَابِيِّ كَحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَالَّذِي لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إِلَى الظَّاهِرِ الْمُوَافِقِ لِحَالِ الصَّحَابِيِّ، وَوَصْفِ اللَّهِ لَهُ بِالْعَدَالَةِ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} أَيْ: عُدُولًا.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَقْتَرِنَ بِأَحَدِ الْخَبَرَيْنِ تَفْسِيرُ الرَّاوِي بِفِعْلِهِ أَوْ قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرَجَّحًا عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ لِلْخَبَرِ يَكُونُ أَعْرَفَ وَأَعْلَمَ بِمَا رَوَاهُ.

الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ سَبَبَ وُرُودِ ذَلِكَ النَّصِّ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَالذَّاكِرُ لِلسَّبَبِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ اهْتِمَامِهِ بِمَا رَوَاهُ.

الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَنَ بِأَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْخِيرِهِ عَنِ الْآخَرِ كَالْخَبَرِ الَّذِي ظَهَرَ بَعْدَ اسْتِظْهَارِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقُوَّةِ شَوْكَتِهِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَالظَّاهِرُ بَعْدَ قُوَّةِ شَوْكَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْلَى؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ ظُهُورِ مُقَابِلِهِ قَبْلَ قُوَّةِ الشَّوْكَةِ أَكْثَرُ مِنِ احْتِمَالِ وُقُوعِ مَا ظَهَرَ بَعْدَ قُوَّةِ الشَّوْكَةِ، فَكَانَ تَأْخِيرُهُ أَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ، فَكَانَ أَوْلَى.

وَفِي مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مُتَأَخِّرَ الْإِسْلَامِ عَنِ الْآخَرِ، فَالْغَالِبُ أَنَّ مَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْآخَرِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ إِسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَكَانَ تَأْخِيرُ مَا رَوَاهُ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ أَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ.

وَفِي مَعْنَاهُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَوْتَ مُتَقَدِّمِ الْإِسْلَامِ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى إِسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِ، وَكَذَلِكَ إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ غَالِبَ رِوَايَةِ أَحَدِ الرَّاوِيَيْنِ قَبْلَ الْغَالِبِ مِنْ رِوَايَةِ الْآخَرِ فَرِوَايَتُهُ تَكُونُ مَرْجُوحَةً؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَقَدُّمُ مَا رَوَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>