للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ دَلِيلُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي أَحَدِهِمَا رَاجِحًا عَلَى دَلِيلِ حُكْمِ أَصْلِ الْآخَرِ، إِلَّا أَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ، وَالْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَمَا لَمْ يُعْدَلْ بِهِ عَنِ الْقَاعِدَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ الْجَرْيُ عَلَى وَفْقِ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي وَرَدَ الْحُكْمُ فِي الْقِيَاسِ الْآخَرِ عَلَى خِلَافِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إِهْمَالُ جَانِبِ التَّرْجِيحِ فِي الْآخَرِ، وَمَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ بِالْآخَرِ فَإِنَّمَا هُوَ اعْتِبَارُ ظُهُورِ التَّرْجِيحِ، لَكِنْ مَعَ مُخَالَفَةِ الْقَاعِدَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَاحْتِمَالُ مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا أَبْعَدُ مِنِ احْتِمَالِ مُخَالَفَةِ الشُّذُوذِ مِنْ ظَوَاهِرِ الْأَدِلَّةِ، كَيْفَ وَأَنَّ الْعَمَلَ بِمَا دَلِيلُ ثُبُوتِ حُكْمِ أَصْلِهِ ظَنِّيٌّ مُحَافَظَةٌ (١) عَلَى أَصْلِ الدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ وَالْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ، وَالْعَمَلُ (٢) بِمَا ظَهَرَ التَّرْجِيحُ فِي دَلِيلِ ثُبُوتِ حُكْمِهِ فِيهِ الْمُوَافَقَةُ؛ لِمَا ظَهَرَ مِنَ التَّرْجِيحِ وَمُخَالَفَةِ الْقَاعِدَةِ وَأَصْلِ الدَّلِيلِ الْآخَرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَمَلَ بِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُوَافَقَةُ ظَاهِرَيْنِ، وَمُخَالِفَةُ ظَاهِرٍ وَاحِدٍ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ.

الثَّانِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ دَلِيلُ ثُبُوتِ حُكْمِ أَصْلِ أَحَدِهِمَا رَاجِحًا عَلَى دَلِيلِ الْآخَرِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ خَاصٌّ عَلَى وُجُوبِ تَعْلِيلِهِ وَعَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَمَا ظَهَرَ التَّرْجِيحُ فِي دَلِيلِهِ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْحُكْمُ قَطْعِيًّا.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ دَلِيلُ ثُبُوتِ حُكْمِ أَصْلِ أَحَدِهِمَا أَرْجَحَ مِنْ دَلِيلِ الْآخَرِ، إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى تَعْلِيلِهِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَمَا اتُّفِقَ عَلَى تَعْلِيلِهِ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إِذَا كَانَ حُكْمُ الْأَصْلِ فِي أَحَدِهِمَا قَطْعِيًّا وَالْآخَرِ ظَنِّيًّا.

الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ أَصْلِ أَحَدِهِمَا مِمَّا اتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ نَسْخِهِ إِلَّا أَنَّهُ مَعْدُولٌ بِهِ عَنِ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَمَا لَمْ يُعْدَلْ بِهِ عَنِ الْقَاعِدَةِ أَوْلَى لِمَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ.

الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ أَصْلِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مَعْدُولٍ بِهِ عَنِ الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ خَاصٌّ عَلَى وُجُوبِ تَعْلِيلِهِ وَجَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْآخَرِ،


(١) الْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ: فِيهِ مُحَافَظَةٌ، وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ خَبَرَ " إِنَّ ".
(٢) الْعَمَلُ هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ " فِيهِ مُوَافَقَةٌ "، وَقَوْلُهُ بَعْدَ: " وَأَصْلِ الدَّلِيلِ " بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>