للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مَا هُوَ مَعَ اتِّحَادِهِ يَتَنَاوَلُ أَشْيَاءَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ عَامًّا حَقِيقَةً بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ كَلَفْظِ الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ.

أَجَابَ الْمُثْبِتُونَ عَنِ الْأَوَّلِ:

بِأَنَّ الْعُمُومَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَّرِدًا فِي كُلِّ مَعْنًى، فَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فِي كُلِّ لَفْظٍ، فَإِنَّ أَسْمَاءَ الْأَعْلَامِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَحْوِهِ لَا يُتَصَوَّرُ عَرُوضِ الْعُمُومِ لَهَا لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، فَإِنْ كَانَ عَدَمُ اطِّرَادِهِ فِي الْمَعَانِي مِمَّا يُبْطِلُ عَرُوضُهُ لِلْمَعَانِي حَقِيقَةً فَكَذَلِكَ فِي الْأَلْفَاظِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ فِي الْأَلْفَاظِ فَكَذَلِكَ فِي الْمَعَانِي، ضَرُورَةَ عَدَمِ الْفَرْقِ.

وَعَنِ الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَرُوضُ الْعُمُومِ لِلْمَعَانِي الْجُزْئِيَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي امْتِدَادِ الْإِشَارَةِ إِلَيْهَا حَقِيقَةً، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ عَرُوضِهِ لِلْمَعَانِي الْكُلِّيَّةِ الْمُتَصَوَّرَةِ فِي الْأَذْهَانِ، كَالْمُتَصَوَّرَةِ مِنْ مَعْنَى الْإِنْسَانِ الْمُجَرِّدِ عَنِ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِتَشْخِيصِهِ وَتَعْيِينِهِ، فَإِنَّهُ مَعَ اتِّحَادِهِ فَمُطَابِقٌ لِمَعْنَاهُ وَطَبِيعَتِهِ لِمَعَانِي الْجُزْئِيَّاتِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَهُ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَمُطَابَقَةِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ الْعَامِّ لِمَدْلُولَاتِهِ.

وَإِذَا كَانَ عَرُوضُ الْعُمُومِ لِلَّفْظِ حَقِيقَةً إِنَّمَا كَانَ لِمُطَابَقَتِهِ مَعَ اتِّحَادِهِ لِلْمَعَانِي الدَّاخِلَةِ تَحْتَهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.

فَهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مُتَحَقِّقٌ فِي الْمَعَانِي الْكُلِّيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُزْئِيَّاتِهَا، فَكَانَ الْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِهَا حَقِيقَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>