للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاكْتِفَاءِ، وَأَمَّا عِنْدَ كَوْنِ الْأَفْرَادِ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْجُمْلَةِ فَلِأَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكْتَفِي بِهَا.

فَإِنْ قِيلَ: وَإِذَا كَانَتِ الْأَفْرَادُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْجُمْلَةِ فَلَيْسَ لِلَّفْظِ عَلَيْهَا دَلَالَةً بِجِهَةِ الْحَقِيقَةِ وَلَا بِجِهَةِ التَّجَوُّزِ، بَلْ بِطَرِيقِ الْمُلَازَمَةِ الذِّهْنِيَّةِ، وَلَيْسَتْ دَلَالَةً لَفْظِيَّةً لِيَلْزَمَ مَا قِيلَ.

قُلْنَا: لَا خَفَاءَ بِدُخُولِ الْأَفْرَادِ فِي الْجُمْلَةِ فَتَكُونُ مَفْهُومَةً مِنَ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَلَهُ عَلَيْهَا دَلَالَةٌ وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِجِهَةِ الْحَقِيقَةِ، أَوِ التَّجَوُّزُ لِمَا سَبَقَ.

وَعَنِ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ عَلَى النُّصُوصِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسَمَّى الصَّلَاةِ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ مِنَ الِاعْتِنَاءِ، وَمُسَمَّى السُّجُودِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ مِنَ الْخُضُوعِ وَالِانْقِيَادِ لَاطَّرَدَ الِاسْمُ بِاطِّرَادِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى كُلُّ اعْتِنَاءٍ بِأَمْرٍ صَلَاةً، وَلَا كُلُّ خُضُوعٍ وَانْقِيَادٍ سُجُودًا.

وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى بِاسْمِ الصَّلَاةِ اعْتِنَاءً خَاصًّا، وَبِالسُّجُودِ خُضُوعًا خَاصًّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ وَبَيَانِ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَجِبُ اعْتِقَادُهُ نَفْيًا لِلتَّجَوُّزِ وَالِاشْتِرَاكِ عَنِ اللَّفْظِ، فَهُوَ مَبْنِيٌّ (١) عَلَى أَنَّ التَّجَوُّزَ وَالِاشْتِرَاكَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ أَنْ لَوْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ، وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ.

وَعَنِ اعْتِرَاضِ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْقِيقِ الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ وَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضُوعَاتِهَا فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ مَذْهَبِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ (٢) .

وَعَنِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ مَجَازٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِمَجْمُوعِ مُسَمَّيَاتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ بَيَانُ الْوُقُوعِ لَا غَيْرَ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا انْفِكَاكَ فِي قَوْلِهِ: الْوَيْلُ لَكَ عَنِ الْخَبَرِ وَالدُّعَاءِ، وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ، وَلَا مَعْنًى لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِمَا سِوَى فَهْمِهِمَا مِنْهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ.


(١) فَهُوَ مَبْنِيٌّ إِلَخْ - جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ قِيلَ إِلَخْ
(٢) الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ - هُوَ الْبَاقِلَّانِيُّ انْظُرْ رَأْيَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ ج ١، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>