للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُنَا: (لَيْسَ بِغَايَةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لِعَبْدِهِ: (أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ أَبَدًا إِلَى أَنْ يَدْخُلُوا الدَّارَ) وَهَذَا الْحَدُّ مُطَّرِدٌ مُنْعَكِسٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ.

وَإِذَا عُرِفَ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ فَصِيَغُهُ كَثِيرَةٌ، وَهِيَ إِلَّا وَغَيْرُ وَسِوَى وَخَلَا وَحَاشَا وَعَدَا وَمَا عَدَا وَمَا خَلَا، وَلَيْسَ وَلَا يَكُونُ وَنَحْوُهُ.

وَأُمُّ الْبَابِ فِي هَذِهِ الصِّيَغِ (إِلَّا) لِكَوْنِهَا حَرْفًا مُطْلَقًا، وَلِوُقُوعِهَا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا غَيْرُ.

وَلَهَا أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْإِعْرَابِ مُسْتَقْصَاةٌ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْأَدَبِ، لَا مُنَاسَبَةَ لِذِكْرِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا قَدْ فَعَلَهُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حُبُّ الْعَرَبِيَّةِ.

وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْجِنْسِ، وَمِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَمَا يَأْتِي تَحْقِيقُهُ عَنْ قَرِيبٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ مَعَ الِاتِّصَالِ كَقَوْلِكَ: خَرَجَ إِلَّا زَيْدًا الْقَوْمُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:

فَمَا لِيَ إِلَّا آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ ... وَمَا لِيَ إِلَّا مَذْهَبَ الْحَقِّ مَذْهَبُ

. (١) وَيَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا أَرْبَعَةً إِلَّا اثْنَيْنِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ - إِلَّا امْرَأَتَهُ} اسْتَثْنَى آلَ لُوطٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَاسْتَثْنَى الْمَرْأَةَ مِنَ الْآلِ الْمُنْجَيْنَ مِنَ الْهَلَاكِ.

وَهَذَا مَا أَرَدْنَا ذِكْرَهُ مِنَ الْمُقَدِّمَةِ.

وَأَمَّا الْمَسَائِلُ فَخَمْسٌ:


(١) وَيُرْوَى: وَمَا لِيَ إِلَّا مَشْعَبَ الْحَقِّ مَشْعَبُ
. الْبَيْتُ لِلْكُمَيْتِ بْنِ زَيْدٍ الْأَسَدِيِّ مِنْ قَصِيدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا آلَ الْبَيْتِ مَطْلَعُهَا: طَرِبْتُ - وَمَا شَوْقًا إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ وَلَا لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ
وَلَمْ يُلْهِنِي دَارٌ وَلَا رَسْمُ مَنْزِلٍ - وَلَمْ يَتَطَرَّبْنِي بَنَانٌ مُخَضَّبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>