للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ اللَّفْظُ الْوَارِدُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ مُجَدَّدٍ وعَلَى الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ

اللَّفْظُ الْوَارِدُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ مُجَدَّدٍ، وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ اخْتَلَفُوا فِيهِ.

فَذَهَبَ الْغَزَالِيُّ: إِلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ مَزِيَّةٍ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ: إِلَى أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» " (١) فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ حُكْمًا فِي الِافْتِقَارِ إِلَى الطَّهَارَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ صَلَاةٌ لُغَةً، وَكَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» " (٢) فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمَا جَمَاعَةٌ حَقِيقَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ انْعِقَادَ الْجَمَاعَةِ بِهِمَا وَحُصُولَ فَضِيلَتِهَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِكَوْنِهِ ظَاهِرًا فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِلْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ: أَمَّا الْإِجْمَالُ فَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا بُعِثَ لِتَعْرِيفِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، الَّتِي لَا تُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ لَا لِتَعْرِيفِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ اللُّغَةِ: فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ مَقْصُودِ الْبَعْثَةِ.


(١) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ " الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ " وَصَحَّحَ ابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَوَاهُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا وَلَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَرَجَّحَ النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمُنْذِرِيُّ وَقْفَهُ (عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ اخْتَلَطَ بِآخِرَةٍ) .
(٢) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ تَعْلِيقًا ص ٢٢٣ ج ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>