للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دَلَالَةِ غَيْرِ الْمَنْظُومِ]

[ما يتعلق بالنظر فيما يشترك فيه الكتاب والسنة والإجماع]

[النَّوْعُ الْأَوَّلُ دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ]

الْقِسْمُ الثَّانِي فِي دَلَالَةِ غَيْرِ الْمَنْظُومِ

وَهُوَ مَا دَلَالَتُهُ لَا بِصَرِيحِ صِيغَتِهِ وَوَضْعِهِ، وَذَلِكَ لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهُ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ، أَوْ غَيْرَ مَقْصُودٍ: فَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا، فَلَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ صِحَّةُ الْمَلْفُوظِ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ، فَإِنْ تَوَقَّفَ فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ تُسَمَّى دَلَالَةَ الِاقْتِضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْهُومًا فِي مَحَلِّ تَنَاوُلِهِ اللَّفْظَ نُطْقًا أَوَّلًا فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ: فَتُسَمَّى دَلَالَتَهُ دَلَالَةَ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَتُسَمَّى دَلَالَتَهُ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِلْمُتَكَلِّمِ، فَدَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ تُسَمَّى دَلَالَةَ الْإِشَارَةِ.

فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ

وَهِيَ مَا كَانَ الْمَدْلُولُ فِيهِ مُضْمَرًا، إِمَّا لِضَرُورَةِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ، وَإِمَّا لِصِحَّةِ وُقُوعِ الْمَلْفُوظِ بِهِ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ: فَهُوَ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» " وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ» "، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ» " (١) فَإِنَّ رَفْعَ الصَّوْمِ وَالْخَطَأِ وَالْعَمَلِ مَعَ تَحَقُّقِهِ مُمْتَنِعٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ نَفْيِ حُكْمٍ يُمْكِنُ نَفْيُهُ، كَنَفْيِ الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعِقَابِ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَنَفْيِ الصِّحَّةِ أَوِ الْكَمَالِ فِي الْخَبَرِ الثَّانِي، وَنَفْيِ الْفَائِدَةِ وَالْجَدْوَى فِي الْخَبَرِ الثَّالِثِ ضَرُورَةَ صِدْقِ الْخَبَرِ.


(١) الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ بِأَلْفَاظٍ عِدَّةٍ مِنْهَا (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) ، وَ (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) وَ (الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) ، وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرًا مِنْهَا ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَلَيْسَ مِنْ بَيْنِهَا (لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>