للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إِذْ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ " وَعَمْرٌو " صَارَ الْكُلُّ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَكَانَ قَوْلُهُ الْعَالِمُ زَيْدٌ مَعَ الِانْفِرَادِ مُغَايِرًا فِي دَلَالَتِهِ لِقَوْلِهِ " الْعَالِمُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو " وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: " عَلَيَّ عَشْرَةٌ " ثُمَّ بَعْدَ حِينٍ قَالَ " إِلَّا خَمْسَةً " فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُنَاقَضَةِ لَفْظِهِ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَالَ " لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً " عَلَى الِاتِّصَالِ كَانَ مَقْبُولًا لِعَدَمِ تَنَاقُضِهِ، وَلَوْلَا اخْتِلَافُ الدَّلَالَةِ لَمَا اخْتَلَفَ الْحَالُ بَلْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ يُقْبَلَ فِيهِمَا، وَهُوَ مُحَالٌ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَة الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ

اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ " لَا عَالِمَ فِي الْبَلَدِ إِلَّا زَيْدٌ " فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَأَكْثَرُ مُنْكِرِي الْمَفْهُومِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ كُلِّ عَالِمٍ سِوَى زَيْدٍ، وَإِثْبَاتِ كَوْنِ زَيْدٍ عَالِمًا، وَذَهَبَ بَعْضُ مُنْكِرِي الْمَفْهُومِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ زَيْدٍ عَالِمًا، بَلْ هُوَ نُطْقٌ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَسُكُوتٌ عَنِ الْمُسْتَثْنَى.

وَمَعْنَى خُرُوجِ الْمُسْتَثْنَى عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي عُمُومِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَأَنَّهُ لَمْ يُتَعَرَّضْ فِيهِ لِكَوْنِ زَيْدٍ عَالِمًا لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا.

وَالْحَقُّ إِنَّمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْجُمْهُورِيُّ، وَدَلِيلُهُ مَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ، وَأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " نَافٍ لِلْأُلُوهِيَّةِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمُثْبِتٌ لِصِفَةِ الْأُلُوهِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَرَّرْنَاهُ أَحْسَنَ تَقْرِيرٍ، وَحَقَّقْنَا وَجْهَ الِانْفِصَالِ عَنْ كُلِّ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِشْكَالَاتِ فَعَلَيْكَ بِالِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ وَنَقْلِهِ إِلَى هَاهُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>