للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنِ الثَّامِنَةِ: أَنَّهُ إِنَّمَا اخْتُصَّ الْبَعْضُ بِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ دُونَ الْبَعْضِ لِاخْتِصَاصِهِ بِمُعَارِضٍ لَا تَحَقُّقَ لَهُ فِيمَا كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا فِيهِ.

وَعَنِ الْمُعَارَضَةِ الْأُولَى مِنَ الْمُعَارَضَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّخْصِيصِ: أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ الَّذِي كَانَ الْحُكْمُ ثَابِتًا عَلَى خِلَافِهِ أَنَّهُ حُجَّةٌ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُفِيدًا.

وَإِنْ كَانَ حُجَّةً لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.

وَعَنِ الثَّانِيَةِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ عَنِ الْأَمَارَةِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَمَارَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ فِي صُورَةٍ كَانَتِ الْأَمَارَةُ أَمَارَةً فِيهِ قَدْ تَحَقَّقَ فِي صُورَةِ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ مُمْتَنِعٌ.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَالْمَوْجُودُ فِي صُورَةِ التَّخَلُّفِ لَيْسَ هُوَ الْأَمَارَةَ الَّتِي تَوَقَّفَ عَلَيْهَا التَّعْرِيفُ بَلِ الْبَعْضُ مِنْهَا.

وَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَخْرِيجُ كُلِّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الصُّوَرِ. (١) وَعَنِ الثَّالِثَةِ: بِمَنْعِ كَوْنِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ مَعَارِضٍ أَمَارَةً، وَعَلَى هَذَا فَلَمْ يُوجَدِ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَإِنْ دَلُّوا عَلَى كَوْنِهَا أَمَارَةً مَعَ التَّخْصِيصِ بِطَرِيقٍ آخَرَ فَهُوَ كَافٍ فِي الْمَطْلُوبِ، وَخُرُوجٌ عَنْ خُصُوصِ هَذِهِ الدَّلَالَةِ.

وَعَنِ الرَّابِعَةِ: أَنَّ الْمُخْتَارَ مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنَ الْأَقْسَامِ قِسْمُ التَّوَقُّفِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.

قَوْلُهُمْ: إِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى الدَّوْرِ، إِنَّمَا يَلْزَمُ إِنْ لَوْ تَوَقَّفَ كَوْنُ الْأَمَارَةِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصُّورَتَيْنِ عَلَى كَوْنِهَا أَمَارَةً فِي الصُّورَةِ الْأُخْرَى تَوَقُّفٌ تَقَدَّمَ، أَمَّا إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمَعِيَّةِ فَلَا كَمَا عُرِفَ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


(١) يَعْنِي صُورَةَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْغَيْمِ الرَّطْبِ عَلَى الْمَطَرِ، وَبِوُجُودِ مَرْكُوبِ الْقَاضِي فِي مَكَانٍ عَلَى وُجُودِهِ فِيهِ، وَالِاسْتِدْلَالِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَإِنْ تَخَلَّفَ مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>