للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ سَلَّمْنَا تَصَوُّرَ الِاخْتِلَافِ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَلَكِنْ مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ إِفْضَاءُ حُكْمِ الْفَرْعِ إِلَى الْمَقْصُودِ أَتَمَّ مِنْ إِفْضَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ إِلَيْهِ.

قَوْلُكُمْ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ أَوْلَى، إِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ لَمْ تَكُنْ فَائِدَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ لِقَصْدِ التَّنْبِيهَ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى.

وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مَقْصُودًا لِلشَّارِعِ، فَإِنَّمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَانِعٍ مُخْتَصٍّ بِهِ لَا وُجُودَ لَهُ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ.

وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَيْسَ حُكْمُ الشَّارِعِ عِبَارَةً عَنْ مُطْلَقِ كَلَامِهِ وَخِطَابِهِ لِيَصِحَّ مَا قِيلَ، بَلِ الْخِطَابُ الْمُقَيَّدُ بِتَعَلُّقٍ خَاصٍّ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي حَدِّ الْحُكْمِ.

وَإِذَا كَانَ التَّعَلُّقُ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ الْحُكْمِ فَالْمُتَعَلِّقَاتُ مُخْتَلِفَةٌ وَيَلْزَمُ مِنَ اخْتِلَافِهَا اخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ.

وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فَائِدَةُ تَخْصِيصِ حُكْمِ الْأَصْلِ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ التَّنْبِيهَ بِهِ عَلَى حُكْمِ الْفَرْعِ لَكَانَ حُكْمُ الْفَرْعِ ثَابِتًا بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَلَجَازَ إِثْبَاتُهُ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.

قَوْلُهُمْ: إِنَّمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ بِمَانِعٍ.

قُلْنَا: الْمَانِعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ لَوَازِمِ صُورَةِ الْأَصْلِ أَوْ مِنْ لَوَازِمِ مَثَلِ حُكْمِ الْفَرْعِ، أَوْ مِنْ لَوَازِمِ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ.

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ إِثْبَاتِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ضَرُورَةَ كَوْنِ مَقْصُودِهِ أَدْنَى مِنْ مَقْصُودِ حُكْمِ الْفَرْعِ عَلَى مَا وَقَعَ بِهِ الْفَرْضُ.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ ثُبُوتِهِ فِي الْفَرْعِ أَيْضًا ضَرُورَةَ أَنَّ مَا هُوَ الْمَانِعُ مِنْ إِثْبَاتِهِ فِي الْأَصْلِ مِنْ لَوَازِمِ نَفْسِ ذَلِكَ الْحُكْمِ.

وَإِنْ كَانَ الثَّالِثَ، فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْفَرْعِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَفِيهِ قِيَاسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>