للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: مَا بِهِ التَّرْجِيحُ إِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَحَلِّ الْحُكْمِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ بِهِ التَّرْجِيحُ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ.

وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ فَقَدِ اسْتَوَى الْبَحْثَانِ فِي اتِّحَادِ مَحَلِّهِمَا وَلَا تَرْجِيحَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ.

وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ اتِّحَادِ مَحَلِّ بَحْثِ الْمُسْتَدِلِّ وَالتَّعَدُّدِ فِي مَحَلِّ بَحْثِ الْمُعْتَرِضِ غَيْرَ أَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الْبَحْثَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَسَاوِيًا، أَوْ مُتَفَاوِتًا.

وَبِتَقْدِيرِ الْمُسَاوَاةِ وَرُجْحَانِ ظَنِّ الْمُعْتَرِضِ، فَلَا تَرْجِيحَ فِي جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ، وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ظَنُّهُ رَاجِحًا.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا يَقَعُ عَلَى تَقْدِيرٍ مِنْ تَقْدِيرَيْنِ يَكُونُ أَغْلَبَ مِمَّا لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّرْجِيحِ فِي تَحْقِيقِ الْمُنَاسَبَةِ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَرَى تَخْصِيصَ الْعِلَّةِ.

وَأَمَّا مَنْ يَرَى جَوَازَ تَخْصِيصِهَا وَجَوَازَ إِحَالَةِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ عَلَى تَحَقُّقِ الْمُعَارِضِ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِالْمُنَاسَبَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ مَرْجُوحَةً أَوْ مُسَاوِيَةً، فَإِنَّ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ بِالْمَانِعِ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَقْصُودٍ رَاجِحٍ عَلَى مَقْصُودِ الْمُقْتَضِي لِلْإِثْبَاتِ، أَوْ مُسَاوٍ لَهُ، أَوْ مَرْجُوحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ.

فَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فَقَدْ قِيلَ بِمُنَاسَبَةِ الْمُقْتَضِي لِلْإِثْبَاتِ مَعَ كَوْنِ مَقْصُودِهِ مَرْجُوحًا، وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا كَانَ الْحُكْمُ مُنْتَفِيًا لِانْتِفَاءِ الْمُنَاسِبِ لَا لِوُجُودِ الْمَانِعِ، وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فَكَذَلِكَ أَيْضًا.

وَإِنْ كَانَتْ مَفْسَدَةُ الْمَانِعِ مَرْجُوحَةً فَقَدْ قِيلَ بِانْتِفَاءِ الْحُكْمِ لَهُ، وَلَوْلَا مُنَاسَبَتُهُ لِلِانْتِفَاءِ لَمَا انْتَفَى الْحُكْمُ بِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَنْتَفِيَ الْحُكْمُ بِمَا لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لَجَازَ أَنْ يُثْبَتَ بِمَا لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>