للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَوْقِعُ سُؤَالِ التَّقْسِيمِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ لِكَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْوَصْفِ الْمُتَفَرِّعِ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَأَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى مَنْعِ وُجُودِ الْوَصْفِ لِدَلَالَةِ مَنْعِ الْوُجُودِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَصْفِ وَالتَّقْسِيمِ عَلَى التَّرْدِيدِ.

وَأَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى سُؤَالِ الْمُطَالَبَةِ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ الْمُدَّعِي عِلَّةً لِكَوْنِهِ مُشْعِرًا بِتَرْدِيدِ لَفْظِ الْمُسْتَدِلِّ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ مُشْعِرَةٌ بِتَسْلِيمِ كَوْنِهِ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ لَا غَيْرَ (١) ضَرُورَةَ تَخْصِيصِهِ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ التَّخْصِيصُ بِهِ غَيْرَ مُفِيدٍ، وَإِيرَادُ مَا يُشْعِرُ بِالتَّرْدِيدِ بَعْدَ مَا يُشْعِرُ بِتَسْلِيمِ اتِّحَادِ الْمَدْلُولِ يَكُونُ مُتَنَاقِضًا.

وَقَدْ عَلَّلَ ذَلِكَ بَعْضُ أَرْبَابِ الِاصْطِلَاحِ بِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ تَسْتَدْعِي تَسْلِيمَ وُجُودِ الْوَصْفِ، وَالتَّقْسِيمُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَنْعِ الْوُجُودِ، وَمَنْعُ الْوُجُودِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْوُجُودِ لَا يَكُونُ مَقْبُولًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَاقُضِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ إِنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَمْنُوعَ الْوُجُودِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ فِي مَبْدَأِ السُّؤَالِ. (٢) وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ مَمْنُوعَ الْوُجُودِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ التَّنَاقُضُ وَالْمَنْعُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، أَنْ لَوْ كَانَ مَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ سُؤَالَ الْمُطَالَبَةِ أَوْ لَا هُوَ نَفْسُ الْقِسْمِ الَّذِي مَنَعَ وَجُودَهُ فِي التَّقْسِيمِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ، فَلَا.

وَبِالْجُمْلَةِ فَيَمْتَنِعُ أَيْضًا قَبُولُ سُؤَالِ التَّقْسِيمِ بَعْدَ سُؤَالِ الِاسْتِفْسَارِ؛ لِأَنَّ الْمَسْئُولَ إِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ سُؤَالَ الِاسْتِفْسَارِ جَدَلًا بِنَفْيِ الْإِجْمَالِ، فَالتَّقْسِيمُ بَعْدَهُ لَا يَرُدُّ ضَرُورَةَ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ وَقَدِ انْتَفَى، وَإِنْ أَجَابَ عَنْهُ بِتَعْيِينِ مَا بِكَلَامِهِ، فَبَعْدَ التَّعْيِينِ لَا حَاجَةَ إِلَى التَّقْسِيمِ بَلْ يَجِبُ وُرُودُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى عَيْنِهِ (٣) دُونَ غَيْرِهِ.


(١) أَيْ: تَدُلُّ عَلَى تَعَيُّنِ الْوَصْفِ، وَأَنَّهُ لَا مَدْلُولَ لِلَّفْظِ غَيْرُهُ.
(٢) هَذَا بَدْءُ الْوَجْهِ الثَّانِي.
(٣) عَلَى عَيْنِهِ - فِيهِ سَقْطٌ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>