للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيا ربّ تخلُقُ ما تخلُقُ ... وتنهَى عبادَك أنْ يَعشَقوا

وأحسن منه قول الحسن المشرك الموصلي في هذا المعنى، وبه لقِّب المشرك:

أَيا ربّ تخلُق أقمارَ ليلٍ ... وقضبانَ بانٍ وكثبان رملِ

وخشفان إنسٍ تصيدُ القلوبَ ... بألفاظِ سحرٍ وألحاظ قتلِ

وتُبدِع في كلِّ خدٍّ بورْدٍ ... وفي كلِّ قدٍّ بشَكْل ودَلِّ

وتنهَى عبادَك أن يعشَقوا ... فيا حاكمَ الحُكمِ إذا حُكْمُ عدلِ

وقوله: " وقد زعموا أنَّ الرياح إذا جرت " البيت، والبيت الَّذي يليه ضد ما ذكره كثير من الشعراء لأن بعضهم يقول:

إذا الريح من أرض الحجاز تنسَّمت ... وجدتُ لمَسراها على كبدي بَرْدا

على كبدٍ قد كاد يُبدي بها الهوَى ... صدوعاً وبعض القوم يَحسبني جَلْدا

وقال آخر:

إذا هبَّت الأرواح من نحو جانب ... به آل مَيٍّ هاج وَجدي هبوبُها

قريبة عهد بالحبيب وإنَّما ... هوى كل نفس حيث كان حبيبُها

قيل: قوله يشبه قولَ المجنون:

ألا يا صبا نجدٍ متى هجتِ من نَجد ... لقد زادني مسراكِ وجْداً على وجْدِ

وهذان المعنيان في أشعارهم كثير جدّاً.

وقال ذو الرمّة:

أما والَّذي حجَّ الملبُّون بيتَه ... سِراعاً ومولَى كلّ باقٍ وهالكِ

وربِّ القِلاصِ الأُدْم تَدمى أُنوفها ... بنخلَةَ والساعين حول المناسكِ

لئن قطعَ اليأس الحنينَ فإنّه ... رَقوءٌ لتَذْراف الدُّموع السوافكِ

لقد كنتَ أهوى الأرضَ ما يستفزُّني ... لها الوجدُ إلاَّ أنّها من دياركِ

أحبُّك حُبّاً خالطَتْه نصيحةٌ ... وإنْ كنتِ إحدى اللاوِيات المواعِكِ

أَلا من لقلب لا يزال كأنَّه ... من الوجدِ شكَّته صدورُ النَّيازِكِ

وللعَين ما تنفكُّ تَجري شؤونُها ... على إثْرِ حادٍ حين حادرت سالكِ

الصلمّان العبديّ:

قالتْ أُمامةُ ما تَبقَى دراهِمُنا ... وما بنا سرَفٌ فيها ولا خُرُقُ

إنَّا إذا اجتمعتْ يوماً دراهمُنا ... ظلَّتْ إلى طرُق الخَيرات تستبقُ

فلا تخافي علينا الفَقر وانتظرِي ... سَيبَ الَّذي بالغنى من عنده نثِقُ

إنْ يفْنَ ما عندنا فالله يرزقُنا ... ومَن سِوانا ولسْنا نحن نرتزقُ

حُطايط اليربوعيّ:

أرِيني جواداً ماتَ هُزْلاً لعلَّني ... أرى ما تَرَينَ أو بخيلاً مُخلَّدا

ذرِيني يكن مالي لعِرضي جُنَّة ... يقي المالُ عِرضي قبلَ أن يتبدَّدا

ذرِيني أكُنْ للمالِ ربّاً ولا يكن ... ليَ المالُ ربّاً تَحمَدِي غِبَّه غدا

بعض الأعراب:

أَلا أَبلغْ لئيم بني نُمَير ... بأنَّ الريحَ أكرمُ منك جارا

تُغذِّينا إذا هبَّتْ شمالاً ... وتملأُ عينَ حافِظكُم غُبارا

هذا الشاعر يذكر أنَّ رجلاً من بني نمير كانت له نخل قد أقام لها حافظاً يمنع أن يتناول أحدٌ منها شيئاً، وكانت الشمال إذا هبَّت نفضت الرطب، فالتقطه هذا الشاعر، لأنَّ الريح تشغل الحافظ عن الحفظ وتغضّ من بصره.

أبو الجويرية العبديّ، يرثي من قُتل بالعقر من آل المهلّب:

نساء بكتْ آل المهلّب حُسَّرا ... توالَت عليهنَّ المصائب والثكلُ

يطاوعن من أوصى وأوجف في البكا ... وإن قيل مهْلاً قيل ما بعدهم مهلُ

وآلَينَ لا يُبقينَ وجْهاً لحُرَّة ... عن اللطم حتَّى تمَّحي الحَدَق النُّجلُ

يُشَقِّقْنَ عنهنَّ الجيوبَ كآبةً ... ولهفاً على أُسدٍ أُتيح لها القتلُ

إذا شبَّ شَغبٌ أو تشاجرَ منطقٌ ... فعندهم فيه الحكومةُ والفصلُ

مَعاطِيّ يستسْقِي الفقيرُ بسَيْبهم ... كأنَّ أديمَ الأرض بعدهم محلُ

جِذْل الطعان:

فمن برِئتْ جريرتُكم إليه ... فإنِّي من جريرتكم سقيمُ

ظلمتُم فاصْبروا للشرّ إنَّا ... سنصبرْ إنّه الحسبُ الكريمُ

وشرُّ الجازعين إذا أُضيعَتْ ... قوادمُ ريشه الفزِعُ الظَلومُ

وكنّا قاعدين أقَمتمونا ... على حسد فقد قُمنا فقوموا

ومن لا رغمكم فيه فإنِّي ... برُغمكمُ وحربكمُ زعيمُ

أعرابيّ من بني أسد:

يا قبر بين بيوت آل محرِّق ... جادت عليك رواعِدٌ وبُروقُ

هل تنفعنّك دمنة مرعيةٌ ... فيها أداء أمانة وحُقوق

ذهبتْ بك الأيامُ عنّا بعدما ... كادتْ بك الأرضُ الفضاءُ تضيقُ

حتَّى السماء فكنت قربَ نجومها ... ولئن بلغتَ نجومَها لحقيقُ

الجراح بن عبد الله بن جوشن الغطفاني، وقتلت بنو سليم أباه وعرضوا عليه الديّة، فأباها ثمَّ قتل قاتل أبيه وقال:

شفَيتُ أُواراً من غليل وجدتُه ... على القلب منه مُستسِرّ وظاهِرُ

ألا ليت قبراً بين داراتِ مُطرقٍ ... يُحدِّثُه عنّي الأحاديث جابِرُ

وقالوا بَديل من أبيك وتتَّدي ... فقلتُ كريمٌ لم تلِدني الأباعِرُ

ألم ترَ أنّ المالَ يُذهبُ دَثْرَه ... تغيُّر أحوال وتبقى معائرُ

وقال يحرِّض ابنَي أخيه وقد قُتل أبوهما أخوه:

رأيتُكما يا بنَي أخي قد سَمِنتُما ... ولا يدركُ الآثارَ إلاَّ الملوَّح

وأمُّكما قد أصبحتْ وهيَ أيِّم ... تخيَّر في خطّابها أين تَنكِح

جَحش بن نُصَيب، أحد بني عبد الله بن غطفان:

ويوم بوادي اليعمرِيَّة لم نزَلْ ... على الماءِ حتَّى أسْلمَ الماء غامرُه

وقرن تركتُ الطيرَ تَحجلُ حوله ... تحرَّكُ رِجْلاه وقد مات سائرُه

تركتُ يزيدَ يحفز الموتُ روحَه ... انثُّ عليه الغدرَ والرمحُ شاجرُه

قوله " حتَّى أسلم الماء غامره " يقول هزمناهم فملكنا ماءهم لهزيمتنا إياهم.

وقوله " انثّ عليه الغدر والرمح شاجره " زعم أنّه طعن رجلاً غادراً فلمّا طعنه ذكّره غدرَه.

أعرابيّ وأقاد السلطان أخاً له يقال له زيد بقتيل قتله اسمه أيضاً زيد:

علا زيدُنا يوم الوغى رأسَ زيدِكم ... بأبيَضَ من ماء الحديد......

فإن تقتلوا زيداً بزيد فإنّما ... أقادكم السلطان بعد زمان

آخر قريب من معناه:

فإن تضربونا بالسِّياط فإنَّنا ... ضربْناكم بالبيض يوم الصرائمِ

وإنْ تَحلقوا منّا الرؤوس فإنَّنا ... حلقْنا رؤوساً باللِّحى والغلاصمِ

عبّاد بن أنف الكلب الصيداوي من بني أسد:

دفَعْنا طريفاً بأطرافنا ... وبالرّاح عنَّا ولم تدفعونا

فلمْ يبقَ إلاَّ التي حاولوا ... وخِفنا وأحْرِ بها أن تكونا

<<  <   >  >>