للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسؤال يَرِد في القرآن بمعان متعددة، ووردتْ هذه الصيغة {وَيَسْأَلُونَكَ} في مواضع عِدّة، فإنْ كان السؤال عن شيء نافع يضر الجهل به أجابهم القرآن، كما في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المحيض قُلْ هُوَ أَذًى فاعتزلوا النسآء فِي المحيض} [البقرة: ٢٢٢]

وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢١٥]

فإنْ كان السؤال عن شيء لا يضر الجهل به، لفت القرآن أنظارهم إلى ناحية أخرى نافعة، كما في سؤالهم عن الأهِلّة: كيف يبدو الهلال صغيراً ثم يكبر ويكبر إلى أن يصير بدراً، ثم يأخذ في التناقص ليعود كما بدأ؟

فالحديث مع العرب الذين عاصروا نزول القرآن في هذه الأمور الكونية التي لم نعرفها إلا حديثاً أمر غير ضروري، وفوق مستوى فهمهم، ولا تتسع له عقولهم، ولا يترتب عليه حكم، ولا ينتج عن الجهل به ضرر، ولو أخبرهم القرآن في إجابة هذا السؤال بحقيقة دوران القمر بين الأرض والشمس وما يترتب على هذه الدورة الكونية من ليل ونهار، وهم أمة أمية غير مثقفة لاتهموا القرآن بالتخريف، ولربما انصرفوا عن أصل الكتاب كله.

لكن يُحوِّلهم القرآن، ويُلفت أنظارهم إلى ما يمكن الانتفاع به من الأهِلَّة: {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج. .} [البقرة: ١٨٩]

وقد يأتي السؤال، ويُرَاد به اختبار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ومن ذلك ما حدث من اتفاق كفار مكة واليهود حيث قالوا لهم: اسألوه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>