للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق - سبحانه وتعالى - في قصة هؤلاء المكذِّبين قدَّم الغاية من العذاب، فقال: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ ... } [الأنبياء: ١١] ثم فصَّل القَصمْ بأنهم لما أحسًّوا العذاب تركوا قريتهم، وأسرعوا هاربين أنْ يلحقهم العذاب، وهنا يقول لهم: لا تركضوا وعودوا إلى مساكنكم، وإلى ما أُترِفْتم فيه.

والتُّرفُ: هو التنعُّم نقول: ترف الرجل يترف مثل: فرح يفرَح أي: تنعَّم، فإذا زِيدتْ عليها همزة فقيل: أترف الرجل فمعناها: أخذ نعيماً وأبطره.

ومنها أيضاً: أترفَهُ الله يعني: غرَّه بالنعيم؛ ليكون عقاباً له.

فقوله هنا {إلى مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ. .} [الأنبياء: ١٣] من أترافه الله يعني: أعطاهم نعيماً لا يؤدون حقَّه، فيجرّ عليهم العذاب. لكن ما دام أن الله تعالى يريد بهم العذاب، فلماذا يُنعِّمهم؟

قالوا: فَرْق بين عذاب واحد وعذابين: العذاب أن تُوقع على إنسان شيئاً يؤلمه، أما أن تُنعِّمه وترفعه ثم تعذبه، فقد أوقعتَ به عذاباً فوق عذاب.

وقد مثَّلْنا لذلك بأن إنْ أردت أَنْ تُوقِع عدوك لا توقعه من فوق حصيرة مثلاً، إنما ترفعه إلى أعلى ليكون أشدَّ عليه وآلمَ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>