للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن الجنتين هنا فيهما أشياء كثيرة، فيهما أعناب، وزادهما الله عطاء النخيل، ثم الزرع، وهذا يسمى في اللغة عطف العام على الخاص، أو عطف الخاص على العام، ليذكر الشيء مرتين، مرة بخصوصه، ومرة في عموم غيره. وعندما يتحدث الحق سبحانه عن جنة الآخرة فإنه يقول مرة: {أَعَدَّ الله لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا ذلك الفوز العظيم} [التوبة: ٨٩]

لقد هيأ الله للمؤمنين به، المقاتلين في سبيل نصرة دينه وإعلاء كلمته جنات تتخللها الأنهار، وذلك هو الفوز والنجاح الكبير. ومرة أخرى يتحدث الحق عن جنة الآخرة بقوله: {والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذلك الفوز العظيم} [التوبة: ١٠٠]

إن الحديث عن الأنهار التي تجري تحت الجنة يأتي مرة مسبوقا ب «مِن» . ومرة أخرى غير مسبوق ب «مِن» . فعندما يأتي الحديث عن تلك الأنهار التي تحت الجنة مسبوقا ب «مِن» فإن ذلك يوحي أن نبعها ذاتي فيها والمائية مملوكة لها.

وعندما يأتي الحديث عن تلك الأنهار التي تجري تحت الجنة مسبوق ب «مِن» ، فمعنى ذلك أن نبع هذه الأنهار غير ذاتي فيها، ولكنه يجري تحتها بإرادة الله فلا يجرؤ أحد أن يمنع الماء عن هذه الجنة التي أعدها الله للمؤمنين. وعندما يشركنا الحق في التساؤل:

{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثمرات وَأَصَابَهُ الكبر وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فاحترقت

<<  <  ج: ص:  >  >>