للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقلنا: إن من أسمائه تعالى (الكبير) ولا نقول: الأكبر مع أنها صيغة مبالغة، لماذا؟ لأن أكبر صيغة مبالغة عندنا نحن البشر، نقول: هذا كبير وذاك أكبر، وهذا قويٌّ وذاك أقوَى، ولا يقال هذا في صفته تعالى لأنك لو قُلْت: الله أكبر لكان المعنى أنك شرَكت معه غيره، فهو سبحانه أكبر وغيره كبير، لذلك لا تُقال: الله أكبر إلا في النداء للصلاة.

إذن: المستكبر: الذي يطلب مؤهلات كبْر وليس لذاتيته شيء من هذه المؤهلات، والإنسان لا ينبغي له أن يتكبر إلا إذا ملك ذاتيات كبره، والمخلوق لا يملك شيئاً من ذلك.

ومعنى {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ. .} [المؤمنون: ٦٧] الهاء في (به) ضمير مُبْهم، يُعرَّف بمرجعه، كما تقول: جاءني رجل فأكرمته، فالذي أزال إبهام الهاء مرجعه إلى رجل. وفي الآية لم يتقدم اسم يعود عليه الضمير، لكن الكلام هنا عن الرسول الذي أُرسل إليهم، والقرآن الذي أُنزل عليهم معجزة ومنهاجاً، إذن: لا يعود الضمير إلا إلى واحد منهما.

أو: أن الضمير في (به) يعود إلى بيت الله الحرام، وقد كان سبباً لمكانة قريش ومنزلتهم بين العرب، وأعطاهم وَضْعاً من السيادة والشرف، فكانوا يسيرون في رحلات التجارة إلى اليمن وإلى الشام دون أن يتعرض لهم أحد، في وقت انتشر فيه بين القبائل السَّلْب والنهب والغارة وقطع الطريق.

وما كانت هذه المنزلة لتكون لهم لولا بيت الله الحرام الذي يحجُّه العرب كل عام، وخدمته وسدانته في أيدي قريش؛ لذلك استكبروا به على الأمة كلها، ليس هذا فقط، إنما تجرأوا أيضاً على البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>