للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلها قادراً حكيماً، عزيزاً عنكم غالباً على أمري، لا تضرني معصيتكم، ولا تنفعني طاعتكم، فإذا كنتم قد آمنتم بي وأنا إله قادر حكيم فاسمعوا مني ما أحبه لكم من الأحكام.

إذن فكل {ياأيها الذين آمَنُواْ} في القرآن هي حيثية كل حكم يأتي بعدها، وأنت تفعل ما يأمرك به الله، وإن سألك أحد: وقال لك: لماذا فعلت هذا الأمر؟ فقل له فعلته لأني مؤمن، والذي أمرني به هو الذي آمنت بحكمته وقدرته. وأنت لا تدخل في متاهة علل الأحكام، لأنك آمنت بأن الله إله حكيم قادر، أنزل لك تلك التكاليف، وإياك أن تدخل في متاهة علة الأحكام، لماذا؟ لأن هناك أشياء قد تغيب علّتها عنك، أكنت تؤجلها إلى أن تعرف العلة؟ .

أكنا نؤجل تحريم لحم الخنزير إلى أن يثبت حالياً بالتحليل أنه ضار؟ لا، إذا كان قد ثبت حالياً بالتحليل أنه ضار فنحن نزداد ثقة في كل حكم كلفنا الله به، ولم نهتد إلى علته، والحق يقول: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله} ومن عجائب كلمة {اتقوا} أنها تأتي في أشياء يبدو أنها متناقضة، إنما هي ملتقية {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله} ولم يقل هنا: اتقوا النار كما قال في آية أخرى: {اتقوا النار} . إذن فكيف يقول: {اتقوا الله} ويقول: {اتقوا النار} ؟ لأن معنى {اتقوا} : أي اجعلوا وقاية بينكم وبين ربكم.

كيف نجعل وقاية بيننا وبين ربنا مع أن المطلوب منا إيمانياً أن نلتحم بمنهج الله لنكون دائما في معية الله؟ نقول: الله سبحانه وتعالى له صفات جلال كالقهار، والمنتقم، والجبار، وذي الطول وشديد العقاب؛ فهو يطلب من عبده المؤمن أن يجعل بينه وبين صفات جلاله وقاية، فالنار جند من جنود صفات الجلال، وحين يقول سبحانه: {اتقوا الله} يعني: اجعلوا وقاية بينكم وبين صفات الجلال التي من جنودها النار. إذن ف {اتقوا الله} مثل {اتقوا النار} أي اجعلوا وقاية بينكم وبين النار.

ويتابع الحق: {وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الربا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} ، و {ذَرُواْ} أي اتركوا، ودعوا، وتناسوا، واطلبوا الخير من الله فيما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>