للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قادمة في جو السماء فاستشرفوا لها وظنوها تخفف عنهم حرارة الشمس، وتُروِّح عن نفوسهم، فلما استظلُّوا بها ينتظرون الراحة والطمأنينة عاجلتهم بالنار تسقط عليهم كالمطر.

على حَدِّ قوْل الشاعر:

كَمَا أمطَرتْ يَوْماً ظماءً غمامةٌ ... فلمَّا رَأؤْهَا أقشعَتْ وتجلَّتِ

ويا ليت هذه السحابة أقشعت وتركتهم على حالهم، إنما قذفتهم بالنار والحُمَم من فوقهم، فزادتهم عذاباً على عذابهم.

كما قال سبحانه في آية أخرى:

{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: ٢٤٢٥] .

لذلك وصف الله عذاب هذا اليوم بأنه {إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: ١٨٩] فما وَجْه عظمته وهو عذاب؟ قالوا: لأنه جاء بعد استبشار واسترواح وأمل في الراحة، ففاجأهم ما زادهم عذاباً، وهذا ما نسميه «يأس بعد إطماع» وهو أنكَى في التعذيب وأشقّ على النفوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>